مقدِّم البرنامج: مشاهدينا الكرام أهلاً ومرحباً بكم، لا يمكن للإنسان أن يعيش من غير شرايين دمه، العراق لا يمكن أن يستغني عن نهري دجلة والفرات، ضيف الحلقة لهذا اليوم الدكتور لطيف رشيد وزير الموارد المائية، فأهلا وسهلاً دكتور لطيف.
د. لطيف رشيد: أهلاً وسهلاً.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير أنتم تعتبرون من الوزراء الناجحين في إدارة وزارتهم في المرحلة السابقة وإن شاء الله في المرحلة الحالية، ماذا قدمتم كوزير في المرحلة السابقة؟
د. لطيف رشيد: إسمح لي أن أرجع قليلاً الى الوراء، وزارة الموارد المائية والتي كانت سابقاً وزارة الري وقبلها كانت وزارة الري والزراعة وقبلها كانت مديرية الري، وهي من المؤسسات أو الدوائر القديمة، دائرة الري تقريباً شكلت مع تشكيل الدولة العراقية، وفي ذلك الوقت كان الإقتصاد العراقي يعتمد كلياً على الزراعة والموارد المائية، عموماً حصلت تطورات وتغييرات وقررنا بعد التحرير أن نغير إسم وزارة الري الى وزارة الموارد المائية؛ لأن الإسم أكثر شمولية ونشاطات الوزارة ليس فقط الري والبزل، بل تغطي مجموعة من النشاطات. في بداية إستلامنا للوزارة قررنا التركيز على تغيير الهيكلية أو النظام الموجود فيها، فقمنا بتشكيل هيكيلة جديدة وركزنا على نقاط مهمة من ناحية ستراتيجية الموارد المائية.
مقدِّم البرنامج: كل ذلك معالي الوزير للهيكلية الجديدة للوزارة، لوزارة الموارد المائية.
د. لطيف رشيد: النقطة الثانية التي ركزنا عليها هي خطة أو إعداد أو تحضير سياسة وزارة الموارد المائية بما فيها السياسة الحالية والمستقبلية وكذلك الستراتيجية لفترة زمنية طويلة حيث أن معظم مشاريعنا تحتاج لفترة طويلة للتنفيذ، وخطتنا الحالية تحتاج الى 5 أو 6 سنوات القادمة لإتمامها، وبدأنا بعد إعداد الهيكلية والخطة بطلب ميزانية من وزارة المالية أيام مجلس الحكم وبدأنا بتنفيذ نشاطاتنا في وزارة الموارد المائية، وهي بالتأكيد كثيرة وليس هناك من داعٍ لبحث كل هذه النشاطات، ولكن بشكل عام ستراتيجيتنا لوزارة الموارد المائية هي إستغلال أو إستعمال الموارد المائية بشكل أفضل، إدارة الموارد المائية بشكل أفضل من الناحية الزراعية من ناحية مياه الشرب من ناحية توليد الطاقة الكهربائية وكذلك النشاطات الأخرى التي تحتاج وتعتمد على الموارد المائية. في الوقت نفسه الإستثمار في مشاريع الموارد المائية الضرورية للبلد، ولا أخفي عنك بأن الإهمال الذي أصاب نشاطات الموارد المائية له تأثير سلبي جداً على هذا تنمية البلد واقتصاده ومستقبله.
مقدِّم البرنامج: الإهمال في المرحلة الحالية؟
د. لطيف رشيد: في المرحلة السابقة، في مرحلة الحكم الديكتاتوري في العراق، لم يكن هناك اهتمام لا بالبنية التحتية ولا بالمشاريع المستقبلية بالنسبة للموارد المائية، الحمد لله الآن بدأنا، ولدينا نشاطات متفرقة لا أبالغ إذا قلت أن نشاطاتنا تصل الى أكثر من 700 نشاط ميداني وفي كل المجالات، مجال دراسة بناء مشاريع جديدة بما فيها السدود الصغيرة والمتوسطة والكبيرة كسد بيخمه وسد بادوش وسد باصرة وغيرها.. لدينا قائمة طويلة بالنسبة لبناء السدود، بناء السدود قسم منها في مرحلة الدراسة وقسم منها في مرحلة إكتشاف الوضع الهندسي والجيولوجي للمناطق وقسم منها تحت التنفيذ، ومع السدود نحتاج الى شبكة ري لتشجيع الزراعة ولإيصال الماء الى الأراضي الزراعية الموجودة في العراق، مثلاً لدينا إمكانية لاستغلال ما لا يقل 12 أو 15 مليون دونم من الأراضي الزراعية، ومع الأسف الشديد الآن نستغل ما يقرب من 4 مليون دونم فقط ، هذه المشاكل تحتاج الى وقت واستثمار كبيرين وتحتاح الى تخطيط وتنفيذ المشاريع بشكل دائمي ومستمر. بالنسبة لشبكات الري، يمكن أن تكون شبكة الري في العراق أعقد شبكة ري في المنطقة كلها، لأننا نحتاح الى قنوات البزل وليس فقط قنوات الري لغسل الأراضي المالحة في معظم المناطق من وسط العراق الى جنوبه واهتمامنا كبير بهذا الخصوص، وأعتقد أن أطوال شبكات الري والبزل لا تقل عن 50 ألف كلم معظمها تحتاج الى صيانة وترميم وتنظيف، وبدأنا بهذا كله في معظم المناطق، نحتاج الى محطات ضخ في معظم القنوات والمشاريع لدفع أو سحب المياه، جهزنا الكثير المحطات وقمنا بصيانتها وشغلنا الكهرباء لها والميكانيكيات أيضاً. لدينا مشروع ضخم في الناصرية وهو مشروع المصب العام، منطقة الناصرية والمنطقة الجنوبية تحتاج الى ضخ المياه؛ لأن المياه السطحية فيها عالية ونحتاج الى تنظيف هذه المنطقة من هذه المياه، قدرة محطة المصب العام تصل الى 200م3/ثا وهي بكل تأكيد أكبر محطة ضخ أو مبزل موجودة في الشرق الأوسط.
مقدِّم البرنامج: هو من المشاريع الكبرى.
د. لطيف رشيد: طبعاً من المشاريع الكبرى في المنطقة، ونركز أيضاً على بناء السدود الكبيرة وكما قلت في البداية سد بيخمه الذي نعتبره من المشاريع الستراتيجية المهمة للبلد، لمنطقة كردستان وللعراق من جميع النواحي، أولاً من ناحية خزن المياه بكميات كبيرة، ثانياًحماية المدن والحفاظ على من الفيضانات والسيطة عليها، ثالثاً توليد الطاقة الكهربائية، نقدر الطاقة الكهربائية التي ستنتج من سد بيخمة من 1500 الى 1800 ميكاواط، ولكي نقارنه بالطاقة الكهربائية للعراق ككل يكفي أن نعرف إن إنتاج الطاقة يساوي 4000 الى 4500 ميكاواط، أي أكثر من ثلث الكمية يمكن أن نجهزها من سد بيخمه وحده، وهي طبعاً تغطي كردستان بشكل أكيد والمناطق الأخرى، ومن الناحيتين البيئية والسياحية سيؤثر بناء السد بشكل كبير وإيجابي لتنمية المنطقة حول بحيرة السد. هذا من المشاريع الستراتيجية الكبيرة التي نأمل أن ننفذها خلال السنوات القادمة، نحن الآن نقوم بدراسة الأشياء الضرورية الهندسية والفنية وتقريباً 30% من مقومات بناء سد بيخمه موجودة، الحكومة السابقة بدأت بالمشروع وأوقفته. بالنسبة للتشغيل والصيانة وهي من النشاطات المهمة، كل مشاريع الموارد المائية من القنوات الى السدود الى محطات الضخ الى محطات السحب، كلها تحتاج الى صيانة مستمرة ودائمية، وداخل هذه النشاطات نحتاج الى تنظيف القنوات، ومع الأسف الشديد فإن معظم القنوات والمبازل تُركت منذ فترة زمنية طويلة، وتنتشر فيها زهرة النيل والشمبلان والأعشاب، بدأنا حملة كبيرة في محاربة زهرة النيل والشمبلان والقصب.
مقدِّم البرنامج: بالتعاون مع وزارة الزراعة؟
د. لطيف رشيد: لا هذا نشاطنا نحن. ولدينا قائمة طويلة باستيراد المكائن الجديدة والمعدات الضرورية لمحاربة الأشياء غير الملائمة في مجاري المياه.
مقدِّم البرنامج: دكتور أعطيت شرحاً موجزاً لأعمال الوزراة ولم تبقِ لي مجال للأسئلة المتبقية ولكن سأسأل بشكل أكثر، البعض يسمي هذا القرن بقرن الماء لموازاة أهمية الماء بأهمية النفط أو البترول، هل حقاً توجد حرب مياه عالمية؟
د. لطيف رشيد: أنا لا أستعمل اصطلاح حرب المياه العالمية؛ لأن الحرب لا تحل مشكل المياه، الحرب لا تحل أي مشكلة في العالم، باعتقادي الإصلاح الضروري أو المناسب هو التعاون لحل مشكلة المياه، مشكلة المياه في الشرق الأوسط مشكلة كبيرة، معظم الدول في هذه المنطقة تشكو من قلة المياه وكما تعلمون فإن معظم مصادر المياه تأتينا من خارج العراق، بالدرجة الأولى من تركيا وقسم منها من إيران وحتى من السعودية تأتينا كميات من السيول أو المياه السطحية، ومصادرنا المائية كنهري دجلة والفرات ومعظم فروعهما وخاصة دجلة نحصل عليها من خارج العراق؛ لذلك من الضروري التعاون مع جيراننا من دول الجوار فيما يتعلق بحل مشكلة المياه واستغلالها بشكل أفضل وتبادل المعلومات الخاصة بمكية ونوعية المياه الموجودة. ونحن بدأنا منذ فترة بعقد عدة لقاءات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومع تركيا وسوريا، قبل فترة قصيرة أرسلنا وفداً فنياً رفيع المستوى الى تركيا لبحث النواحي الفنية والتعاون المستمر لتنسيق المواقف بشأن إدارة المياه بشكل أفضل لصالح جميع شعوب المنطقة.
مقدِّم البرنامج: ولكن دكتور هناك قضية مهمة ومشتركة تخص مسالة المياه بين تركيا وسوريا والعراق، ما هي هذه القضية بالضبط؟
د. لطيف رشيد: هذه قضية نهر الفرات بالدرجة الأولى، وهو ينبع من تركيا مروراً بسوريا ويصب في العراق، وهناك عدة مشاريع على نهر الفرات، مشروع الكاب الذي يمكن أن تكونوا قد سمعتم به، وهو مشروع كبير وضخم، يحجز الأتراك كمية كبيرة من المياه على نهر الفرات وسوريا أيضاً لديها إلتزامات على نهر الفرات ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية وبعد هذا تأتينا المياه من هناك الى العراق، الإتفاقية الحالية بين تركيا وسوريا والعراق تنص على تقسيم الكمية الواردة من تركيا بنسبة 42% لسوريا و58% للعراق، ولكن في الفترة الأخيرة وخاصة بعد تجفيف الأهوار ونحن بحاجة الى كميات كبيرة من المياه وبعد خزن المياه في مشروع الكاب، قمنا بمطالبة الحكومة التركية بزيادة حصتنا في نهر الفرات لحاجتنا اليه من الناحيتين الكمية والنوعية، وكما تعلمون الأراضي الزراعية في العراق مالحة؛ لذلك نحتاج الى كمية كبيرة من المياه وخاصة في نهر الفرات لتقليل التأثيرات البيئية ولاستخدام نوعية المياه الجيدة في الزراعة المحلية، وقد وافقوا على زيادة الكمية، حالياً لدينا زيادة في نهر الفرات تقدر بـ200م3/ثا، نأمل في المستقبل أن بعد عقد اللقاءات مع الدول المجاورة للعراق، سوريا وتركيا من جانب وجمهورية إيران الإسلامية من جانب آخر أن نتوصل الى حل عادل وشامل لتقسيم وتوزيع المياه لدول المنطقة.
مقدِّم البرنامج: إن شاء الله، معالي الوزير العراق كبلد يمتلك الموارد البشرية والزراعية يحتاج الى كميات كبيرة من الماء، في الدخول وفي بزل هذه المياه، ماذا عملت الوزارة؟
د. لطيف رشيد: أتفق معك، هناك نقص كبير في كميات المياه الموجودة وفي العالم أيضاً، وفي العراق نعتمد في مصادرنا المائية لنهري دجلة والفرات وفروعهما على دول الجوار، من ناحية سقوط الامطار والثلوج وجمع المياه للأنهر الموجودة، وبالطبع تحاول كل دولة الآن أن تستغل وتستعمل أكبر كمية من المياه، مثلاً كمية المياه الداخلة الى العراق عبر نهر الفرات قبل إنشاء مشروع الكاب في تركيا تصل الى 27 مليارم3 في السنة، حالياً نحصل على ثلث هذه الكمية وقد إتصلنا بدول الجوار المعنية، سوريا، تركيا وجمهورية إيران الإسلامية لتبادل المعلومات والتعاون والتنسيق فلدينا مياه مشتركة مع كل هذه الدول ويجب أن نصل الى حل عادل وشامل لتوزيع المياه لمصلحة شعوب المنطقة. كما تعلمون معظم روافد نهر دجلة من إيران ولدينا هور مشترك معهم أيضاً هو هور الحويزة، يجب أن نتعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على كيفية الإهتمام بهذا الإهتمام. طلبنا من الفنيين والمسؤولين الحكوميين في إيران إرسال وفد فني للتنسيق وتبادل المعلومات والتعاون المشترك بكل ما يتعلق بالمياه المشتركة بين البلدين، سنعمل على إرسال وفد عالي المستوى للتباحث مع المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. قبل فترة وجيزة كان لدينا وفد رفيع المستوى في تركيا أيضاً التي التقيت وزير طاقتها عدة مرات، والهدف من إرسال الوفد كان إيجاد الحلول للمشاكل المستقبلية المتعلقة بتقسيم وتشارك المياه في المنطقة. نحتاج الى تبادل المعلومات الخاصة بالمطر والثلوج وجغرافية المنطقة كما نحتاج الى الإطلاع على الخطة التشغيلية لدول الجوار فضلاً خططهم المستقبلية والتنسيق بالنسبة لمصادر المياه في المستقبل.
مقدِّم البرنامج: هل أبدوا الإستعداد للتعاون؟
د. لطيف رشيد: نعم، هذه هي الزيارة الأولى لتركيا وقد أبدوا الإستعداد للتعاون وتبادل المعلومات وزيادة كمية مياه نهر الفرات والإستمرار في ذلك فنحن نحتاج الى كمية كبيرة، وقبيل إنشاء مشروع الكاب كانت حصتنا في نهر الفرات أكبر بكثير من الوضع الحالي، ولا يتعلق الأمر بالكمية فقط، فنوعية المياه فيها نسبة زائدة من الملوحة؛ لذا نحتاج الى كمية كبيرة من المياه لمعالجة التلوث في المنطقة الجنوبية الذي يمتد آثاره الى بقية المنطقة، السعودية والخليج وليس العراق فقط. نأمل في التعاون أكثر في المستقبل ونصل الى حلول عادلة لصالح العراق وصالح دول الجوار.
مقدِّم البرنامج: دكتور وصلنا الى مشكلة رئيسة في العراق وهي مناطق الأهوار التي جففت في عهد النظام السابق والآن عادت الحياة اليها، ما هي خطط الوزارة لهذه المناطق من أجل الإرتقاء بها لمستوى أحسن؟
د. لطيف رشيد: بعد التحرير قررنا من الناحية الستراتيجية إنعاش وتنمية المنطقة الجنوبية منطقة الأهوار، وكما تعلمون الحكومة السابقة قامت بتجفيف الأهوار بسبب تحدي أهل المنطقة إجتماعياً وثقافيا للنظام الديكتاتوري وكذلك كي يتمكن النظام من القيام بالعمليات العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية وضد الإنتفاضة الشعبانية. نحن أخذنا على عاتقنا إنعاش وتطوير المنطقة كهدف ستراتيجي لوزارتنا، وأنا فرح جداً لنجاحنا بهذه المهمة والآن أكثر من 50% من الأهوار رجعت كما كانت في السابق من ناحية كمية المياه ونوعيتها والثروة السمكية ورجوع الأهالي الى مناطقهم، وفي اعتقادي يجب تقسيم الهدف الى قسمين، الأول: إعادة إنعاش الأهوار والثاني: تنمية المنطقة، فالمنطقة تحتاج الى جهد ومبالغ هائلة وكل الخدمات الضرورية الغير موجودة، وانا مسرور جداً لأننا نجحنا خلال هذا العام 2006 بالحصول على موافقة وزارة المالية بتخصيص 150 مليون دولار لتنمية منطقة الأهوار رغم أن هذا المبلغ لا يكفي.
مقدِّم البرنامج: ذلك بالتعاون مع وزارة الزراعة بتوفير الأسماك وغيرها أم ماذا؟
د. لطيف رشيد: نحن خصصنا هذا المبلغ من وزارة المالية والآن نتعاون مع المؤسسات الحكومية والوزارات الأخرى من ناحية توفير الخدمات، مثلاً معظم منشآت الري والبزل والجسور والتحويلات نحن من يقوم بها، بدأنا بتنفيذ البنية التحتية المرتبطة بالموارد المائية، ولكن من ناحية الخدمات الصحية والتربوية والتعليمية والزراعية فنحن نتعاون مع الوزارات الأخرى لتنفيذ خطتنا التنموية، الإنعاش مرتبط برجوع المياه وغمر المنطقة بها ولكن تنمية المنطقة تحتاج جهد من معظم مؤسسات الدولة وأملنا بتطوير المنطقة بشكل أفضل.
مقدِّم البرنامج: إن شاء الله، معالي الوزير العراق بحاجة الى كل دولار أو سنت يصرف خارج العراق، ألا تعتقد أن إستيراد العراقيين للماء من الخارج هو هدر لهذه الثروة خصوصاً ونحن بلد النهرين؟
د. لطيف رشيد: طبعاً هذا هدر ليس فقط من ناحية المياه، نحن نستورد نفط وفواكه وفي بعض الأحيان نستورد تمر ورز، والعراق بلد لديه إمكانات هائلة، إمكانات بشرية وزراعية ومائية ولكن مع الأسف الشديد هذا الوضع الذي تشهده الآن في العراق، الوضع غير المقبول وغير الصحي للشعب العراقي وهذا نتيجة لعدة عوامل منها الإهمال، سياسة الحكومة الديكتاتورية السابقة بعدم الإهتمام لا بالشعب العراقي ولا العراق كبلد. نحتاج الى جهد ولدينا الإمكانيات الهائلة لتنمية البلد بدون الإعتماد على غيرنا نستطيع الإعتماد على أنفسنا بإمكاناتنا الذاتية ولكن نحتاج الى دعم معنوي وفني ودولي لتنفيذ خطتنا، ونأمل إذا ما تحسنت الناحية الأمنية أن ننفذ خطتنا التنموية التي تشمل الخدمات، الزراعة والأمور الأخرى أتفق معك بأن لا يجب أن نستورد لا ماء ولا نفط ولا فواكه ولا برتقال من أي بلد ولكن الوضع الحالي بهذا الشكل مع شديد الأسف.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير كيف تنسقون العمل بينكم وبين مؤسسات إقليم كردستان فيما يخص موضوع المياه ونحن قد عرفنا بأنه تم إستحداث وزارة باسم وزارة الموارد المائية في إقليم كردستان؟
د. لطيف رشيد: أتصور أن التنسيق ضروري جداً بين حكومة إقليم كردستان وبين الحكومة المركزية ومؤسساتها، ونحتاج الى تنسيق ليس بطريقة إنقطاع وإرسال مندوب أو وفد، نحتاج الى تنسيق بشكل دائمي ومستمر بين مؤسسات حكومة إقليم كردستان ومؤسسات الحكومة المركزية، أملنا بتشكيل جهاز لتطوير وتنسيق والتعاون بين هذه المؤسسات وفي كل المجالات الخدمية، التنموية والإقتصادية والمالية فكل هذه المجالات ضرورية؛ لذا من الضروري تشكيل هيئة بمستوى عالي وكفاءات وقدرات من قبل الطرفين. وزارة الموارد المائية في كردستان لم تكن موجودة، كان لديهم مديرية للري وأخرى للزراعة وكنا نتعاون معها قبل تشكيل الوزارة في الإقليم وكان التعاون مستمر، والآن بدأنا وبعد تشكيل وزارة الموارد المائية في الإقليم بالتعاون مع الوزير الجديد لتكيل هيئة ودعمها بشكل جدي ومستمر وإن شاء الله تتكون وتتطور هذه المؤسسة الضرورية لإقليم كردستان لتنفيذ نشاطات الموارد المائية.
مقدِّم البرنامج: موضوع دعوة المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني لمشروع ديوان المسائلة وإعلان الرئيس جلال طالباني عنه، ألا تعتقدون أنه سيكون حداً فاصلاً للفساد الإداري وبمختلف مستوياته بالنسبة للإتحاد بشكل خاص وللدولة بشكل عام؟
د. لطيف رشيد: أنا أتصور أن هذا شيء طبيعي، طبعاً كل حزب وكل قوة سياسية تمر بمراحل مختلفة من النضال الثوري والنضال المسلح الى النضال السياسي الى المعارضة ومنها الى الحكم، والإتحاد الوطني مر بهذه المراحل والآن هو قوة سياسية قوية ليس فقط في كردستان بل في كافة أنحاء العراق وقد مر بهذه المراحل من مرحلة النضال الثوري وحتى مرحلة الحكم والآن هو شريك في الحكم في بغداد، وباعتقادي إن إعادة النظر بتشكيلات الحزب وتهيئة نشاطات الحزب للمراحل المختلفة شيء ضروري وتشجيع نشاطات الحزب لمرحلة جديدة هو ضروري لكل حزب. هذا بمجمله شيء طبيعي، الإتحاد الوطني إتخذ مجموعة من القرارات للمرحلة الحالية والمستقبلية وهو بنظري شيء صحي لتنشيط فعاليات الحزب فيما يجب أن نطلق عليه مرحلة الحكم.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير في تصريح لكم مع قناتنا قبل حوالي أيام تحدثتم عن خطة إستثمارية لعام 2006، ماهي هذه الخطة بالضبط؟
د. لطيف رشيد: خطتنا واضحة ومرتبطة بنشاطاتنا وهي على الوجه الآتي: اولاً قسم منها لتشغيل وصيانة واستمرارية العمل في الدوائر المعنية في وزارة الموارد المائية وكذلك تشغيل وصيانة المؤسسات والبنية التحتية والمنشآت التابعة لوزارة الموارد المائية، لدينا خطة مستقبلية لتطوير الموارد المائية بشكل أفضل والإستثمار فيها، خطتنا مستمرة ولدينا أقسام تخطيط وأقسام تصميم ونستشير الشركات الإستشارية المتخصصة لتنفيذ المشاريع الضرورية للبلد.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير، دول الدول المانحة في تعزيز قطاع الموارد المائية، هل أنتم راضون عن اداء هذه الدول في دعم الوزارة بشكل عام؟
د. لطيف رشيد: إجتمعت الدول المانحة في مؤتمر بإسبانيا والأرقام التي سمعناها بعد المؤتمر كانت خيالية، أكثر من 35 مليار دولار تخصيصاتهم لبناء أو إعادة بناء وتنمية العراق أو تحسين الخدمات فيه، أتصور أن هذه الأرقام غير حقيقية ولحد الآن الأموال التي وصلت للعراق أقل بكثير من الارقام التي سمعناها، مثلا سمعنا بأن بعض الوزارات ستحصل على عدة مليارات من الدولارات الأمريكية ووزارتنا في هذه الفترة لديها مشاريع بكلفة تقدر بـ 150 الى 200 مليون دولار تحت إشراف البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة وقسم من هذه الأموال تأتينا مباشرة من الدول المانحة، وطبعاً نحن نشكر ونقدر كل الدول التي قدمت مساعدات بشكل عيني أو معنوي أو مادي أو فني، لكن الأرقام التي كنا نسمعها ونقرؤها كانت شبه خيالية والمبالغ التي خصصوها لإعادة بناء العراق تخضع للمنظمات الدولية في البنك الدولي أو الأمم المتحدة، لدينا بعض المشاريع تحت التنفيذ من قبل مؤسسات الأمم المتحدة والبنك الدولي ومصدر التمويل من قبل الدول المانحة، لكن أكبر المبالغ التي وصلت العراق لإعادة البناء أو إعمار أو لتحسين الخدمات أو لتنمية العراق عن طريق الكونغرس الأمريكي والذي تجاوز 18 مليار دولار امريكي، وفي البداية كانت النية لصرف كل المبالغ لإعادة بناء أو تعمير العراق ولكن مع الأسف الشديد الناحية الأمنية كانت عائقاً في تحويل كل المبالغ لتنمية أو إعمار العراق وكان هناك نقص كبير في المبالغ المرصودة، مثلاً حصتنا بلغت تقريباً 1 مليار دولار أمريكي وبعد تنفيذ جميع مشاريعهم لم تصل نسبة الصرف الى 400 مليون دولار وبقية المبالغ والتي بلغت أكثر من النصف حوّلت الى نشاطات أخرى أتصور أمنية، ولكن لتشجيع إعادة الإعمار والتنمية وإعادة بناء العراق كانت المبالغ في تصوري أقل مما خصص له في البداية.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير المواطن قد يتساءل، هل موضوع الدول المانحة له علاقة بوزارة المالية بهذه التخصيصات وتلك أم أن كلاً على حدة؟
د. لطيف رشيد: أتصور أن لكل دولة لها شروطها، قسم منهم يقولون نحن من سيقوم بهذه النشاطات وكما تعلمون أن المشكلة الرئيسة في العراق هي المشكلة الأمنية ولا نستطيع حلها، ومعظم الدول نشاطاتها مرتبطة بالناحية الأمنية في العراق؛ ولذلك يريدون صرف تخصيصاتهم بأنفسهم أو عن طريق المنظمات الدولية أو عن طريق الامم المتحدة، في الوقت الحاضر ليست لدينا نشاطات فعلية لمنظمات الأمم المتحدة ولا الدولية، وفيما عدا بعض سفارات الدول العاملة الموجودة هنا فالنشاطات الفعلية أو الإقتصادية للدول المانحة غير موجودة في العراق وحضورهم غير موجود، وهذه هي المشكلة الرئيسة.
مقدِّم البرنامج: برأيكم معالي الوزير ماهي الإجراءات الكفيلة لتحقيق العدالة في توزيع المياه بين الدول المتشاطئة؟ حضرتكم تكلمتم عن وفد زار تركيا مؤخراً أو دولة أخرى.
د. لطيف رشيد: طبعاً بعض الدول لديها نشاطات، لا يجب أن أنفي كل الدول، مثلاً اليابانيين لديهم نشاطات الإيطاليين لديهم نشاطات وكذلك الأمريكيين والى حد قليل البريطانيين لديهم نشاطات، هذه النشاطات تصب في دعم الوزارة وفي إعادة إعمار البلد وتنفيذ المشاريع. بصراحة نحن نحاول مع الدول المتشاطئة بشكل مستمر، فيجب أن نصل الى حل عادل لتوزيع المياه في المنطقة ويجب أن نركز جهدنا للحصول على حصتنا المائية بشكل عادل وخاصة من تركيا وبالدرجة الثانية من إيران؛ لأن فروع نهر دجلة مهمة بالنسبة لتغذية نهر دجلة. ونهر الفرات عمود فقري حيوي بالنسبة لمستقبل العراق، وكما قلت في البداية فإن الكمية الواصلة الى العراق تعادل ثلث الكمية التي كانت تصل سابقاً قبل بناء مشروع الكاب، يجب أن نحاول معهم نحتاج الى تعاون بين الأطراف المعنية ونحتاج الى تبادل المعلومات وتنسيق مستمر ونحتاج كذلك الى معرفة الخطة التشغيلية لكل بلد بالإضافة الى الخطة المستقبلية. هذه الأمور مهمة بالنسبة لنا ولقد طرحنا هذه الفقرات للنقاش مع الإخوان في تركيا وإيران وسوريا، زرت تركيا وسوريا لأجل هذا الموضوع وأبدوا إستعدادهم للتعاون في تقاسم المياه بشكل عادل ومنصف بحيث يصب في مصلحة شعوب المنطقة، وبصراحة نحتاج كذلك الى الدعم الدولي كي نستغل المياه بحسب القوانين الدولية؛ لأن مشكلة المياه ستكون مشكلة كبيرة في المستقبل القريب واستغلال وإدارة المياه من الأمور الضرورية الحيوية لمستقبل كل بلد.
مقدِّم البرنامج: معالي الوزير أصبحتم كوزارة عضواً في مجلس المياه العالمي، ما هو الدور المطلوب أن يلعبه هذا المجلس في تنمية المشاريع الإروائية في العراق؟
د. لطيف رشيد: العراق في زمن السابق تحت النظام الديكتاتوري كان معزولاً تماماً، في المحافل الدولية والمؤتمرات الفنية والعلمية في مؤتمرات تبادل الآراء والأفكار والطروحات الجديدة، العراق كان معزولاً لأكثر من 30 سنة. طبعاً لا يمكن بناء أو تخطيط الأمور الفنية أو المشاريع التنموية بدون دعم علمي وفني عالمي، هذا يجري على كل الدول وليس فقط العراق، نحتاج لتعاون علمي فني تنموي لأجل تنمية وتحسين الخدمات في البلد، نحن بدأنا بخطوات جيدة الآن إتصالاتنا مع كل المؤسسات والمنظمات الدولية بشكل جيد، يتعاونون معنا ونتبادل المعلومات ونستفيد من خبراتهم. الإشتراك في هذه المؤتمرات ضروري جداً؛ لأنها تحتوي على طروحات ومحاضرات ورسائل علمية وفنية وهندسية مفيدة لمستقبل العراق، وأفكار جديدة تطرح دائماً وعزل العراق أو أي بلد آخر عن هذه النشاطات الدولية له تأثيرات سلبية جدية، ونحن نأمل أن نشترك في معظم المؤتمرات العلمية والفنية مستقبلاً؛ لتحسين واستثمار الموارد المائية بشكل علمي وحضاري.
مقدِّم البرنامج: الدكتور لطيف رشيد وزير الموارد المائية شكراً جزيلاً لكم على سعة صدركم.
د. لطيف رشيد: أهلاً وسهلاً، شكراً.