كلمة الدكتورعبد اللطيف جمال رشيد - المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية / وزير الموارد المائية الأسبق في الندوة النقاشية التي أقامتها وزارة الموارد المائية بعنوان:

(إستخدام نظم المعلومات الجغرافية والإستشعار عن بعد في إدارة الموارد المائية والأراضي)

للفترة من 4-5 كانون أول 2017

 

 

معالي وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي المحترم
السيدات والسادة الحضور المحترمون
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته ..

أشكر مساعيكم المخلصة في عقد الندوات والمؤتمرات العلمية في ظل ظروف سياسية واقتصادية نعرف جميعاً مدى صعوبتها من أجل إيجاد الحلول التي من شأنها تخفيف الضرر الناتح عن شح المياه إن لم يكن القضاء عليه تماماً. فنحن كبلد مهم من بلدان الشرق الأوسط لنا ارتباطات اقتصادية وسياسية وحتى مائية متشابكة مع أغلب دول الجوار. وقد ألقت هذه الارتباطات بظلالها السلبية على واقع المياه في العراق وبالتالي على دورة الحياة في الزراعة والصناعة والمعيشة المتعلقة بحياة الناس.

ولكن اليوم وفي ظل المعطيات القديمة - الجديدة من نمو سكاني مطرد ونمو الصناعة وازدياد المساحات الزراعية والإستخدامات الشخصية، فضلاً عن سياسات دول الجوار كبناء السدود والمنشآت التخزينية والمشاريع الإروائية وبناء المحطات الكهربائية، وتغيرات المناخ التي سببت احتباس الأمطار، أصبح من اللازم التفكير والعمل بجدية أكثر من قبل الجميع، وأقصد هنا الدولة والمنظمات الحكومية والمدنية والمثقفين وحتى المواطنين العاديين، يجب على الجميع المشاركة في عمل وطني واسع يدفع أي خطر محتمل جرّاء نقص المياه المتوقع.

شخصياً أرى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية كان لها الدور الأكبر في مشكلة شح المياه أو فاقمت تأثيراته السلبية من دون أن نهمل الكثير من العوامل الثانوية الأخرى:

1- المناخ والطبيعة: حيث شهدت السنوات الماضية تغيراً جذرياً في ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية وازدياد مساحات التصحر نتيجة الجفاف المستمر والنقص الكبير في مستويات الأمطار والثلوج.

2- مسار جريان الأنهر والروافد من دول المصب الى داخل العراق: وهو متعلق بعوامل داخلية وإقليمية ودولية وتصرفات هذه الأطراف المسيطرة على هذا المسار وبالتالي التأثير المباشر على واقعنا المائي، فيجب (كما أكدنا مراراً) الدخول مع الدول المجاورة لنا في حوارات جادة وسلمية لتحقيق اتفاقات لتقاسم المياه طويلة الأمد على أساس تحقيق المصلحة المشتركة لجميع الاطراف، وتبادل المعلومات حول الإجراءات التشغيلية للسدود وزيادة إطلاقات معدلات المياه الى دول المصب، واشعار العراق عن الخطة التشغيلية لموارد المائية من دول الجوار من أجل ضمان حصة مائية عادلة للعراق.

3- إدارة الموارد المائية في العراق: إن مستوى الإدارة المتحقق لحد الآن هو دون ما نتمناه – على الرغم من معرفتنا بحجم المعوقات – ولكن يجب أن تنهض الدولة (بكل مفاصلها) بهذا القطاع الحيوي وتدعمه بشكل جاد يرتقي وأهداف الوزارة التي تتعلق بحياة الفرد مباشرة من خلال تحقيق الأمن المائي والغذائي.

إن إعتماد إدارة الموارد المائية العراق على مجموعة من الأسس السياسية والتنظيمية والفنية والاجتماعية سيكون الفاعل الأهم في تخطي المشكلة الحالية.

ومن الناحية السياسية والتنظيمية يكمن في تشكيل هيئة عليا أو مجلس أعلى للمياه يكون تحت قيادة رئاسة الوزارء أو وزارة الموارد المائية، يعمل على إتخاذ قرارات ستراتيجية نتفاوض على أساسها مع الدول المتشاركة معنا في الأنهر وفق خطة مدروسة تخدم مصلحة العراق.

ومن الناحية الفنية ستكون الدراسة الهندسية والعلمية الأرضية الخصبة لبلورة قيادات مهنية مؤهلة تعمل في حقل الموارد المائية.

واجتماعيا في تثقيف المزارعين بعدم الإعتماد على طرق الري التقليدية في المقام الأول والتي تسبب هدراً كبيراً في الواردات المائية، ومن الطبيعي أن يؤثر انخفاض الموارد المائية على الأمن الغذائي بصورة مباشرة، وخاصة المواد الغذائية المنتجة محلياً. ما يدفع بالاعتماد على الإستيراد الخارجي.

ختاماً أسجل أمامكم إعجابي بتصريح السيد وزير الموارد المائية د.حسن الجنابي حين قال ما معناه (كان العراقيون تاريخياً كانوا يتوافرون على ثقافة حفظ المياه وابتكار أساليب حفظ المياه، أما اليوم فالثقافة الاجتماعية معكوسة تماماً وهي العمل على هدر المياه من قبل الأفراد والجماعات فضلاً عن الهدر في جميع المجالات الأخرى)

أتمنى لكم جميعاً الموفقية والنجاح... والسلام عليكم.