قال وزير الموارد المائية الاسبق، د.عبداللطيف جمال رشيد، إن زمن السخاء المائي انتهى ولن تعود التدفقات المائية من إيران وتركيا الى سابق عهدها، وعبر رشيد عن أمله بان تؤدي المفاوضات والاتفاقيات الى تعويض نقص المياه على الاقل عبر المشاركة العادلة في كميات المياه، مبينا ان الحل الجوهري لأزمة المياه في العراق يكون عبر وجود إدارة مائية حديثة وحازمة ورصينة، والتوصل الى "إدارة تشغيلية مشتركة" مع دول المنبع.

وبين وزير الموارد المائية الاسبق، في حديث لـ(المدى)، إن "المشاريع المائية في تركيا وايران بدأت منذ عقود وأثرت على كمية المياه ونوعيتها القادمة من دول المنبع الى دولة المصب (العراق).

وأشار رشيد الى ضرورة ان تكون تصريحات المسؤولين العراقيين واقعية عند الحديث عن التوصل الى تفاهمات مع دول المنبع لضمان حصة مائية عادلة للعراق.

واستدرك رشيد قائلا "مع ذلك لا بد من استمرار التواصل مع إيران وتركيا للتوصل الى ما اسميه (الادارة التشغيلية المشتركة).. فما دمنا شركاء بهذه المصادر المائية فلا بد من تنسيق استثمار المياه، وليس من مصلحة أحد إلحاق اضرار كبيرة بشعب جار ودولة كبيرة ومهمة اقتصاديا للدولتين".

وأضاف رشيد: "المفاوض العراقي لن يكون قويا الا إذا ساندته الدولة العراقية كلها، بكل مفاصلها، وأبعدت المؤسسات والقوى السياسية مصالحها وعلاقاتها عن هذا الملف المهم والذي يتعلق بالحياة اليومية للعراقيين كما يؤثر على أمن واستقرار البلاد أكثر بكثير من الارهاب والحروب".

وقال رشيد ان "الدولتين اللتين تنبع منهما مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما، أي تركيا وإيران وكذلك سوريا، التي يمر بها نهر الفرات، من واجبها تفهم حاجات العراق المائية والتعاون معه حتى تتوصل الى ادارة تشغيلية ملائمة للمياه توفر حصص عادلة، وفي نفس الوقت على العراق القيام بإجراءات حاسمة في إدارة هذا الملف".

 

 

 

مجلس أعلى لإدارة المياه

وبين رشيد أن "التعامل السليم مع أزمة المياه يتطلب أولا، جعلها من أولويات السياسة العليا للدولة وان لا تكون وزارة الموارد المائية أقل شأنا من الوزارات السيادية، بل يجب ان يتقدم الاهتمام بها على كل الوزارات الاخرى، وسيكون من الافضل أن يتشكل مجلس أعلى لإدارة الموارد المائية، بإمكانيات وتخصصات فنية قوية، بعيدا عن التدخلات السياسية".

 

وأضاف: "لقد طالبت لسنوات بتشكيل هذا المجلس لكن للأسف لم تجد المطالبة آذانا صاغية وبقي ملف المياه ثانويا لا تتذكره الجهات الرسمية والاعلامية الا عندما تصل الازمة الى مرحلة خانقة ثم يتم تناسي الموضوع بعد فترة".

وأكد رشيد لـ(المدى) أن "كل المتغيرات البيئية والسكانية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة والعالم تشير الى ان زمن السخاء المائي انتهى، فالجفاف وزيادة السكان وتصاعد الطلب على الماء والكهرباء، تؤدي بالنتيجة ليس فقط الى انخفاض الحصة المائية للعراق وانما تردي نوعية المياه واضطراب توقيتات اطلاقها بما يؤثر على المواسم الزراعية".

 

دعوة لإحترام الأنهار

وردا على سؤال لـ(المدى) عن الحلول والاجراءات العراقية التي يمكن ان تعالج او تخفف من حدة الازمة المائية، قال رشيد: "يجب أولا تحديث إدارة المياه، واحداث تغيير جذري بطرق استثمار المياه في الزراعة، فاستمرار الاعتماد على الطرق القديمة التي مازالت سائدة في السقي غير مقبول، لا بد من التوجه الى الري بالرش والتنقيط، وفتح الاستثمار في المياه وهو موضوع يتم تجاهله دائما".

وتابع: "الأهم من كل ذلك، علينا احترام الانهار بالتوقف عن تلويثها والتجاوز على ضفافها والاستغلال العشوائي لها، وايقاف استخدامها كمجاري للمياه الثقيلة".

وقال رشيد: "نحتاج الى وعي جديد مختلف في التعامل مع المياه، العراق بحاجة الى ثقافة مختلفة تمنع الهدر والتلويث، ونحتاج أيضا الى دبلوماسية مياه ثابتة تعرف استخدام نقاط القوة العراقية في مفاوضاتها مع الدول الاخرى".

 

المجتمع الدولي يفتقر للتشريعات

وسألت (المدى) وزير الموارد المائية الأسبق عن إمكانية لجوء العراق الى المنظمات الدولية لضمان حصة مائية كافية وعادلة، فقال رشيد:" للأسف لا توجد لحد الآن اتفاقيات كافية وملزمة لتوزيع مياه الانهر وادارتها بين الدول، ويفتقر المجتمع الدولي الى تشريعات تضمن حقوق الدول المتشاركة في مياه الأنهر وتحدد آليات لتقاسم المياه وطرق وحدود الانتفاع منها".

وأضاف: "أصدرت الامم المتحدة ميثاقا لتنظيم استغلال المياه غير الملاحية في 17/8/2014، بعد فترة طويلة من طرح الميثاق للتوقيع من قبل 35 دولة، وهو يشتمل على توصيات عامة ولحد الآن غير ملزمة".

واختتم رشيد حديثه لـ(المدى) بالقول: "نحتاج أيضا الى توعية اعلامية للمواطنين لتغيير طريقة استخدامهم للمياه، توعية تساعدنا جميعا على مواجهة هذه الازمة الخانقة".

 

جريدة المدى

5/10/2021