بدءاً نتقدم الى أهالي ضحايا حادث عبارة الموصل المؤلم بخالص العزاء والمواساة للحدث الجلل الذي ألمّ بهم في غمرة الاحتفالات بعيد نوروز.
لقد صدمنا جميعاً بكارثة جديدة راح ضحيتها مجموعة من الاطفال والنساء والشباب كانت في خضم الاحتفاء بقدوم الربيع الذي انقلب عليهم الى كارثة بكل ما لهذه الكلمة من معنى. كارثة العبارة هي فصل جديد في المأساة المتكررة نتيجة لعدة عوامل يقف في مقدمتها الفساد المنتشر في مفاصل الدولة انتشار النار في الهشيم وحيث لاحساب ولا رقيب وهو أيضاً نتيجة مباشرة للتجاوزات على مجاري الانهار والاستغلال العشوائي لضفافها ولعدم الالتزام بالتوصيات الفنية التي طالما طالبنا بها في المؤتمرات واللقاءات فضلا عن المقالات المنشورة في مختلف الصحف العراقية. لقد طالبنا مراراً وتكراراً باستخدام أفضل لشواطئ الانهار وفق ضوابط قانونية وإجازات اصولية تهدف أولا سلامة المواطنين ووجهنا -عندما كنا في قيادة وزارة الموارد المائية -الى العمل الدؤوب على كري مجاري الانهر والبحيرات والبحار بصورة منظمة ودورية، كما أكّدنا على التقيد بالشروط القانونية والأصولية للحصول على اجازات الاستثمار في هذا المرفق الحيوي المهم،بعيداًعن المحاباة والمجاملة التي آن الأوان لها أن تنتهي وللأبد إذا ما أردنا بناء دولة متمدنة وفق أبسط المعايير المعروفة عالمياً.
يجب على الجميع العمل بجدية من أجل عدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة التي كان بالإمكان تفاديها لو التزم المعنيون بالكم الكبير من التوصيات والمناشدات والتي بقيت – للأسف الشديد- حبراً على ورق.
ان الحل السريع والآني يتمثل بالتطبيق الفوري والشامل لكل القرارات الفنية التي صدرت بهذا الصدد سواء عن الحكومة ممثلة بوزارة الموارد المائية أو تلك التي تمخضت عن المؤتمرات الدولية والمحلية، يتزامن معه قيام الدولة بمهامها وواجبها دون اي اعتبار لأيِّ من النفوس الضعيفة التي لاتراعي حرمة المواطن ولا الوطن.
كما سيتوجب على الكثير من القوى والشخصيات السياسية الكفّ عن التدخل في عمل الدولة ووقف هذا النزيف المستمر في الارواح والاموال.
يجب علينا جميعاً – دون استثناء - العمل على اعادة الهيبة للدولة والتخلي عن المصلحة الخاصة لأجل مستقبل البلد وأجيالنا القادمة، كما يجب علينا العمل بكل إخلاص على حماية حقوق المواطن وكرامته وخصوصاً ان ليس هناك اليوم ما يمنع ذلك سوى وجود الإرادة الحقيقية لتحقيق الحق المشروع لكل أبناء شعبنا العراقي الصابر المحتسب.
دعوانا للضحايا الأبرياء بالرحمة والرضوان وبالشفاء العاجل للناجين من الجرحى.
د.عبد اللطيف جمال رشيد
وزير الموارد المائية الأسبق