نعيم عبد مهلهل

 

أُثير في مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام تصريحا منسوبا الى وكيل وزارة الثقافة ( فوزي الأتروشي ) قوله :أن الأكراد لا يسمحون ( للمعدان ) بدخول كركوك لتحرير المناطق التي تحتلها داعش في بعض اقضية المحافظة ونواحيها . ، والرجل نفى ذلك جملة وتفيصلا ، وأعتقد أن رجلا شربَ من ماء العمارة حين اتى الاتروشي ليفتتح مهرجان ( الكُميت الثقافي ) وكنت انا مدعوا لاستلام جائزة فوز روايتي في مسابقة محمد الحمراني والغريب أن الرواية الفائزة تتحدث عن ذكرياتي في مدينة كركوك حيث عشت فيها ردحا من الزمن ، سوف لن يغامر السيد الوكيل ( الأتروشي ) ويتجاوز على حرمة أناس أسسوا في المكان حضارة التأمل والحرف والقصب ، وصنعوا من عزلتهم بيئة رائعة تحدت في بساطتها وصلابتها حتى غزوات الاسكندر ومراثي ( حسين كامل ) حين اقترح تجفيف الهور ، وجففه بجهد شفلات التصنيع العسكري.

ما نسب الى ( الأتروشي ) ذكرني بوزير كردي ، عرفته وجالسته وعملت معه ، وكان هذا الأري المثقف من أشد عشاق مناطق الاهوار وسكانها ، ليس لأن قاعة الجلوس في بيته ومكتبه الوزاري تحمل لوحات تشكيلية ومناظر طبيعية حرص على اقتناءها من كل رسام ابدع في رسم عالم الاهوار ولكن ( الوزير ) ( الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد ) ومنذ تسلمه منصب وزير الموارد المائية ولأكثر من دورة وزارية حرص أن يتعايشَ مع هذا المكان روحاً وجسدا ، وقبل أن تكون لدى العراق موازنة انفجارية وصلت الى أكثرَ من مئة مليار دولار كان الوزير ( عبد اللطيف ) وبإمكانات بسيطة ومناشدات الى المنظمات العالمية التابعة للأمم المتحدة وغيرها يحاول وبجهدٍ أن يُعيد بهاء جنة عدن وأن يفتح السداد التي تمنع الماء عن الاهوار وساهم الى حد كبير بعودة القرى التي كانت مشردة بين مدن العراق واغلبها سكن كمالية بغداد والنعيرية ومدينة الصدر وقضاء الحر في كربلاء.

وربما هو أول وزير عراقي من سعى الى إصدار مجلة بعنوان ( الأهوار ) وفي مكتبة وزارة الموارد المائية بعضٍ من أعدادها بعد أن توقفت بسبب مغادرته الكرسي الوزاري الى وزير آخر وتسلم عمله الجديد كبير مستشاري رئيس الجمهورية.

صورة الوزير الكردي الذي يغادر قميصه الاري ليترديَّ قميصا سومريا ، يُعيدُ اليَّ مشاعر تلك الأخوة الازلية بين الشمال والجنوب عندما أتت جيوش الشيخ احمد من السليمانية لتساند الثائرين في معركة الشعبية اثناء دخول بريطانيا للعراق ، والتي زعل حينها شيخ من مشايخ السماوة حين استقبلت مدينة السماوة أبن مدينة السليمانية الثائر بهوستها الشهيرة : ثلثين الجنة لكاكه أحمد .

فزعل هذا الشيخ المسمى ( بربوتي ) وهدد بسحب مقاتليه من اسناد الثورة قائلا :إذا كان ثلثين الجنة الكاكا أحمد .فماذا يبقى لبربوتي .

لهذا اضطروا الى صياغة الهوسة من جديد وصارت : ثلثين الجنة الكاكه احمد وشوية شوية البربوتي.

عندها رضي بربوتي وسارت طلائع مقاتليه مع محاربي مدينة السليمانية وقائدهم كاكه أحمد.

اليوم الأهوار وأهلها لابد أن تحمل للدكتور ( عبد اللطيف ) ذات المشاعر التي حملها اهل السماوة لأبن السليمانية لأن الكاكه ( الوزير ) من السليمانية أيضا ، لنشعرَ أن دورة التأريخ تعاد بذات الحمية لأشعر أن هذا الرجل الذي عشق الأهوار يخزن في مخيلته الكثير من الافكار لتطوير هذا العالم الساحر وعلى الدولة أن تستفيد منها