.عبد اللطيف جمال رشيد
المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية
وزير الموارد المائية الأسبق
توجد إثنتان وعشرون دولة عربية في منطقة الشرق الأوسط, أربعة عشر دولة منها أعضاء في اللجنة الإقتصادية - الإجتماعية لغربي آسيا في الأمم المتحدة (ESCWA) وهي البحرين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، عمان، فلسطين، قطر، السعودية، السودان، سوريا ودولة الامارات العربية المتحدة واليمن.
والدول العربية من بين أكثر دول العالم ندرة في المياه, فمالايقل عن 12 دولة عربية تعاني من نقص حادٍ في المياه, إذ إن حصة الفرد الواحد من الموارد المائية المتجددة لاتتجاوز 500م3 سنوياً (FAO 2011), وإن نسبة عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط لاتقل عن 10% من عدد السكان في العالم ولكن نسبة المياه فيها لاتتجاوز 1% من المياه العذبة والصالحة للشرب.
تعاني المنطقة العربية ولوقت طويل من قلّة المياه فقد إزدادت التحديات والضغوط على موارد المياه العذبة خلال العقود الأخيرة كالنمو السكاني, الهجرة, تغيُّر أنماط الإستهلاك, الصراعات الإقليمية, التغيرات المناخية وتبدُّل الحكومات, وزادت هذه الضغوطات من المخاطر والشكوك المرتبطة بنوعية وكمية المياه إضافة الى إعتماد السياسات التي تسعى الى تعزيز الحياة الريفية وتحقيق التنمية والأمن الغذائي, وإدراكاً للوضع المائي في المنطقة فقد بادرت الحكومات العربية الى:
- إنشاء المجلس الوزاري العربي للمياه (AMWC) تحت رعاية جامعة الدول العربية.
- السعي الى التقليل من المخاطر على المستوى الوطني من خلال وضع إستراتيجات خاصة بقطاع المياه.
- العمل على توحيد الآراء والمواقف في الخطط التنموية الوطنية ومتابعة الإصلاحات المؤسساتية والقانونية وتبديد كل الشكوك والمخاوف المتعلقة بإدارة الموارد المائية المشتركة. بلغ مجموع سكان المنطقة العربية 352 مليون نسمة عام 2009 ومن المتوقع أن يصل العدد الى 460 مليون عام 2025 (ESCWA 2009, وفي العقود القليلة الأخيرة زاد النمو السكاني السريع من الطلب على المياه العذبه, فضلاً عن ندرة المياه الموجود أساساً في المناطق الحضرية والريفية كما إنّ أكثر من 55% من سكان تلك المناطق يعيشون في المدن. وعلى هذا النحو فإنّ عدم الوصول الى الإكتفاء الذاتي في المنطقة لم يحقّق الأمن الغذائي على مستوييه الوطني أو الإقليمي.
- وتعد الزراعة أحد أهم الأسباب في نقص المياه في المنطقة العربية فهي تشكّل أكثر من 70% من إجمالي الطلب على المياه في معظم بلدان الإسكوا, ففي دول العراق, عمان, سوريا واليمن تستحوذ الزراعة فيها على حوالي 90% من إستخدامات المياه, ومع ذلك فالمنطقة غير قادرة على إنتاج مايكفي من الغذاء لإطعام سكانها.
- التركيبة السكانية, الهجرة والتمدّن
التغيرات المناخية والظواهر المتطرّفة
إن منطقة الشرق الأوسط حسّاسة وبشكلٍ خاص للآثار الناجمة عن التغيرات المناخية, خاصةً وأنها تعاني من التقلبات المناخية الشديدة وندرة المياه, ويمكن أن تؤدي تغييرات صغيرة في الأنماط مناخية الى آثار دراماتيكية على مستوى قشرة الأرض, وعلى الرغم من إن هذه الآثار لاتزال غير مؤكدة فإن النتائج المتوقعة للتغيرات المناخية تشمل زيادة درجة حرارة التربة والجفاف, والتحولات في أنماط سقوط الأمطار الموسمية, ولكن عدم وجود بيانات موثقة ومنسّقة للموارد المائية ومعلومات كافية يعرقل عملية إتخاذ القرارات كما يمنع من وضع أطر سياسةٍ متماسكة وتعاونية لإدارة الموارد المائية المشتركة ولتقييم التغيرات والتقدم الحاصلين.
المؤسساتية والإستجابات القانونية والتخطيطية
ينبغي الإعتراف بالحاجة الى مقاربة مشتركة لتحسين إدارة الموارد المائية وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية, وقد إعتمد المجلس الوزاري العربي للمياه ستراتيجية أمن المياه العربية في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والإحتياجات المستقبلية للتنمية المستدامة (2010- 2030) في عام 2011.
وتحدّد الستراتيجية أولويات العمل على المستوى الإقليمي مع التركيز على مايلي:
- إن أولويات التنمية الإجتماعية-الإقتصادية (بما في ذلك الحصول على إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي والمياه لأغراض الزراعة) هي التمويل, الإستثمار, التكنولوجيا, الموارد المائية غير التقليدية وإدارة الموارد المائية المتكاملة.
- الأولويات السياسية وتشمل إدارة الموارد المائية المشتركة وحماية الحقوق المائية.
- الأولويات المؤسساتية المرتبطة ببناء القدرات, رفع مستوى الوعي, البحوث والنهج التشاركية التي تضم المجتمع المدني والمؤسسات المهمة لإدارة المياه.
- إنّ المجلس الوزاري هو مجلس حكومي- دولي أُنشأ في إطار جامعة الدول العربية ومدعومٌ من قبل مكتب تنفيذي (لجنة فنية علمية إستشارية - أمانة عامة)
مثال آخر هو جمعية مستخدمي المياه للدول العربية (ACWUA) الذي يركز على الحوار وبناء القدرات لتوفير المياه وأعمال الصرف الصحي.
تنسّق هذه المؤسسات من بين أمور أخرى عدة مبادرات حول المياه الإقليمية في المنطقة تركّز على تغيُّر المناخ كالموارد المائية المشتركة, إدارة الموارد المائية المتكاملة والأهداف الإنمائية للألفية.
ومن أجل تعزيز القدرة على التكيّف والإستعداد بكل ما يتعلق بالأمن الغذائي, سعت بعض الدول العربية الى ضمان الأمن الغذائي من خلال ترتيبات التجارة والإستثمار والتعاقد مع بلدان أخرى.
الصراعات الإقليمية والربيع العربي
إتسمت دورات الصراع بعدم الإستقرار والحروب الأهلية والحروب والإحتلالات التي تميّزت بها المنطقة العربية وعلى مدى عقود, وقد أدّى كل هذا الى أعداد كبيرة من المشرّدين داخلياً وزاد من معدلات الهجرة على المستويين الوطني والإقليمي.
وفي المحصلة, فما نسبته 36% من المشردين داخلياً في العالم موجودون الآن في منطقة الإسكوا مايفرض طلبات إضافية على شبكات المياه والمياه العذبة المتوترة أساساً, فعلى سبيل المثال أدّى الجفاف الحاد في الصومال الى نزوح اللاجئين الى البلدان المجاورة, جيبوتي واليمن على الرغم من النزاعات الأهلية في اليمن والتوقعات بأن صنعاء ستصبح أول عاصمة خالية من المياه في العالم.
لقد عكس الصراع وعدم الإستقرار التقدّم باتجاه تحقيق أهداف إيصال المياه والقيام بمشاريع الصرف الصحي, ففي العراق - مثلاً- وعلى الرغم من إنّه أحد أغنى دول المنطقة مائياً ونفطياً فقد واجه نقصاً حاداً في المياه وخدمات المياه لاتزال متقطعة في مراكز المدن الحضرية وأطرافها.
إن إنخفاض تدفق المياه في أنهر دجلة والفرات والكارون والكرخا جاء بسبب الطلب المتزايد وتسرّب المياه من منابعها, وأدّى تدفّق المياه المالحة من دول إيران, سوريا وتركيا في شط العرب الى إنخفاض نسبة المياه العذبة, وهذا ما أثّر على إمدادات المياه في البصرة حيث ملوحة الماء الآن -حتى بعد تصفيتها- تتجاوز معايير المياه الصالحة للشرب, كما تؤثر زيادة الملوحة في الخليج على عمليات تقطير مياه البحر والثروة السمكية, كما يمكن أن تساهم في إعادة التوتر بين العراق والدول المجاورة له, كما أن البنى التحتية مدمرة بالكامل أو تكون قد دمّرت نتيجة للصراعات العنيفة.
التحديات والمخاطر
هناك أربعة تحديات تؤثر على إدارة الموارد المائية في المنطقة: الأمن المائي, عائدية الموارد المائية المشتركة, التغيرات المناخية والأمن الغذائي.
القيود المالية والتقنية فضلاً عن قلة البيانات والمعلومات الأكيدة عن نوعية وكمية المياه هي عوامل متشعبة تزيد من المخاطر وعدم الثقة بإدارة هذه التحديات.
والتحدي الكبير لإدارة الموارد المائية في المنطقة العربية هو إن أنظمة الأنهار الدولية الرئيسة في المنطقة هي مشتركة من قبل بلدين أو أكثر.
تشمل أنظمة المياه السطحية الرئيسة المشتركة في المنطقة:
- حوضي نهري الفرات ودجلة متشاركة مع إيران, العرق, تركيا وسوريا.
- نهر العاصي ويتشارك فيه لبنان, سوريا وتركيا.
- نهر الأردن (بما في ذلك نهر اليرموك) يتشارك فيه الأردن, لبنان, فلسطين, سوريا وإسرائيل.
- د- يغطي حوض نهر النيل أحد عشر بلداً, بينها دولتان عربيتان هما مصر والسودان.
- نهر السنغال الذي يتشاطئ مع أربع دول هي غينيا, مالي, موريتانيا والسنغال.
- بحيرة تشاد تتشارك مع ثماني دول هي الجزائر, الكاميرون, جمهورية إفريقيا الوسطى, تشاد, ليبيا, النيجر, نيجيريا والسودان.
- تقدّر (ستراتيجية الأمن المائي العربي) بـأنّ 60٪ من موارد المياه السطحية في المنطقة العربية تنبع من خارج المنطقة، وتدخل اليها من خلال أنهر الفرات ودجلة والنيل والسنغال.تغيرات المناخ إن زيادة وتيرة الجفاف هو تحدٍ مهم جداً تواجهه المنطقة, وعلى مدى السنوات العشرين الماضية شهدت دول الجزائر, المغرب, الصومال، سوريا وتونس جفافاً كبيراً ويبدو أن وتيرة هذه الأحداث في تزايد مستمر وقد شملت كذلك العراق وإيران وغيرها من دول المنطقة. تحسين إدارة الموارد المائية • الأولويات المؤسساتية المرتبطة ببناء القدرات والتوعية, البحوث, جمع المعلومات, النهج التشاركية وإشراك المجتمع المدني. أصبح الإعتماد على موارد المياه غير التقليدية ردة فعل لندرة المياه في المنطقة العربية, فتحلية مياه البحر هي المصدر المياه الأول لدول مجلس التعاون الخليجي, وإعادة إستخدام مياه الصرف الصحي هي ممارسة شائعة في الأردن والإمارات العربية المتحدة. تحلية المياه وإعادة إستخدام مياه الصرف الصحي على الرغم من المخاطر والتشكيكات التي تمت مناقشتها في هذا الفصل فإن المياه تتدفق في صميم وعي وثقافة الشعوب.
- ومع ذلك فإنّ شحة المياه, نمو السكان, الأمن الغذائي, التغيرات المناخية, الظواهر الجوية المتطرفة, النزاعات الإقليمية والصراعات الجديدة المحتملة على موارد المياه المشتركة تؤثر على قدرة إدارة موارد المياه السطحية والمياه الجوفية في المنطقة العربية.
- حصاد المياه والضباب / الإستنتاجات
- تنتج دول الأردن, الكويت, السعودية والإمارات العربية المتحدة كمية كبيرة من مياه الصرف الصحي المُعالَج نسبياً, ومع الإستخدام المباشر لمياه الصرف الصحي المُعالَج, تستخدم السعودية وعُمان على التوالي مايقرب من 1% و 3% من مجموع المياه المُعالَجة في عام 20006وتستخدم كل من الأردن وقطر 9% و 10% من مجموع المياه وعلى التوالي أيضاً في عام 2005.
- • الأولويات السياسية المتعلقة بإدارة الموارد المائية المشتركة وحماية الحقوق المائية وخاصة في البلدان التي لها شراكة في الأنهر.
- • أولويات التنمية الإجتماعية والإقتصادية هو الحصول على إمدادات المياه, خدمات الصرف الصحي, الماء لأغراض الزراعة, التمويل, الإستثمار, التكنولوجيا, الموارد المائية غير التقليدية والإدارة المتكاملة للموارد المائية.
- يمكن لتغييرات صغيرة في أنماط المناخ أن تؤدي إلى تأثيرات دراماتيكية على الأرض, وتشير التوقعات المناخية الى حدوث زيادة في درجات الحرارة في المنطقة, كما يمكن بحسب هذه التخمينات أن تساهم في زيادة الجفاف وانخفاض نسبة الرطوبة في التربة، وارتفاع معدلات التبخر ونضوح النباتات وتغييرات في أنماط سقوط الأمطار الموسمية.
سيكشف المستقبل عن كيفية تقييم هذه المخاطر وكيف إن إشراك أصحاب المصلحة في عمليات البناء والمشاركة سيحفز العمل على المستويين الوطني والإقليمي للتغلب على هذه التحديات على الرغم من أجواء التشكيكات المستمرة.
السيرة الذاتية
ولد في 10 آب 1944 في السليمانية ، العراق
اقرأ المزيد