نص التقرير الذي ألقاه د. عبد اللطيف جمال رشيد المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية ووزير الموارد المائية الأسبق عن سد الموصل في "معهد التقدم للسياسات الانمائية"

في بغداد بتاريخ 20 شباط 2016

سد الموصل .. الواقع والاحتمالات

السلام عليكم ..
أرحب بكم جميعاً وأتوجه بالشكر الى القائمين على "معهد التقدم للسياسات الانمائية" وبالأخص الدكتور مهدي الحافظ على إتاحتهم هذه الفرصة لي للحديث عن سد الموصل.
بدايةً أحب ان أوضح بأني ومنذ فترة لم أعلّق على موضوع السد. أولاً لارتباطي بمسؤوليات أخرى بعيدة عن القضايا الفنية المتعلقة بالمياه وبصراحة أكثر في السنوات الاخيرة لم أكن متابعاً لوضع السد بشكل ميداني وتفصيلي دقيق وخاصة بعد هجوم داعش. وثانياً لأن هناك مسؤولين آخرين عن ملف المياه يتصدون لمهمة توضيح كل مايتعلق بمسائل الموارد المائية وسد الموصل خصوصاً.
ولكن في الفترة الأخيرة إتصل بي مسؤولون وإعلاميون وجهات فنية أخرى مطالبة بإبداء الرأي حول مشكلة السد وعن الكم الهائل من التصريحات التي أثيرت حوله. وهنا أركز على نقطة مهمة وهي أن مشكلة السد هي مشكلة سياسية وفنية وإن معالجتها لا تتم بإطلاق تصريحات صحفية غير دقيقة كالتي نعيش معها منذ فترة غير قصيرة.

سأحاول اليوم أن أعطي فكرة فنية عن سد الموصل ومشاكله:
سد الموصل من المشاريع الستراتيجية المهمة في العراق وكذلك في المنطقة من ناحية خزن المياه والزراعة وتوليد الكهرباء وغيرها من الخدمات الضرورية.
قبل كل شيء يفترض أن يتم إرسال وفد فني من خبراء السدود لتقييم ودراسة الوضع الحالي للسد والأمور الفنية الأخرى المرتبطة به من تشغيل وصيانة ومعالجات هي من أهم الضروريات لإدامة عمل السد وكذلك متابعة التوصيات الفنية السابقة خصوصاً وأننا جميعاً سمعنا وقرأنا تصريحات تتعلق بوجود مشاكل فنية بسبب داعش وغياب الفنيين المسؤولين عن الصيانة فضلاً عن عدم ضبط منسوب بحيرة السد وتوقف عمليات التحشية.
1- يقع سد الموصل على نهر دجلة وعلى بعد (50 كم) شمال مدينة الموصل في محافظة نينوى وتم إنشاؤه في الفترة (1981-1986) والهدف من إنشائه هو درء خطر الفيضان وخزن المياه بحجم (11.11مليار متر مكعب) وتوليد الطاقة الكهربائية (750 ميكاواط من السد الرئيسي و60 ميكاواط من السد التنظيمي و240 ميكاواط من مشروع الخزن بالضخ) وتطوير الثروة السمكية إضافة الى استغلال البحيرة للأغراض السياحية إن الجهة التي أعدت تصاميم السد هي مجموعة الشركات السويسرية، أما الجهة التي قامت بالتنفيذ فهي مجموعة الشركات الألمانية – الايطالية (GIMOD).. وكان استشاري الإشراف العام هي مجموعة الشركات السويسرية، أما الإشراف اليومي فهو مشاركة بين الشركات السويسرية واليوغسلافية .
يتألف السد الرئيسي الذي تم إنشاؤه من النوع الركامي من لب وسطي طيني ومرشحات وقشرة حصوية من الجانبين ومغلف من الخارج بكتل حجرية ارتفاع السد الأقصى 113 متراً وعرضه بالقمة 10 أمتار وطوله 3650 متراً.. أساس السد الرئيسي يحتوي على طبقات متعاقبة من تكوينات الجبس والانهايدرايت القابلة للذوبان بتأثير مياه الخزن بالبحيرة مما يستوجب المعالجة المستمرة لتقوية هذه الأسس وهذا الواقع يتطلب الاهتمام بالإمكانية التنفيذية للمعالجة.
2- وعند إكمال إنشاء السد وإدخاله الخدمة عام (1986) برزت مشكلة ذوبان الجبس تحت أسسه حيث ابتدأت المعالجة بالتحشية والحقن بالمواد الإسمنتية لتأمين سلامة السد واستمرت منذ ذلك الوقت لحد الآن، إن مشكلة سد الموصل الأساسية تكمن في التردي المستمر في أسسه حيث أوصى مجلس الخبراء العالمي للسدود في حينه باستمرار أعمال التحشية التي يجب أن تكون بشكل مستمر لضمان استقرار السد وترتب على ذلك عدد من الظواهر الجيولوجية. ولتأمين الاستمرار بأعمال التحشية للأسس ولضمان استقرار السد وقدم الآليات والمعدات المستخدمة في أعمال التحشية فقد قامت الوزارة باستيراد الأدوات الاحتياطية للمعدات القديمة لتأمين تأهيلها وتجهيزها للعمل بصورة مستمرة إضافة إلى قيام الوزارة باتخاذ إجراءات سريعة للتعاقد على استيراد معدات جديدة لتوسيع برنامج التحشية والعمل على تأمين المستلزمات الأخرى التي طلبتها إدارة المشروع والازدياد مستمر بالإمكانية التنفيذية ومن المؤمل الحصول على حفارات جديدة ومعامل لإنتاج مزيج التحشية ومضخات دفع المزيج وغيرها من المستلزمات المهمة .

3- تم عقد عدة اجتماعات فنية لمجلس الخبراء لدراسة ومعالجة سد الموصل.
4- في الاجتماع الأول عام 2005 تم تقديم عرض مستفيض لواقع السد منذ مراحل تصميمه ولحد الآن مع تقديم التفاصيل الجيولوجية لأسس السد وتزويد مجلس الخبراء بكافة الوثائق والدراسات والتقييم التي جرت سابقاً وبرامج التحشية الجارية. وكانت التوصية الرئيسية للمجلس في هذه المرحلة هي المحافظة على منسوب خزني أقصى والبالغ (319) متراً فوق مستوى سطح البحر منذ عام 2005 واستمر ذلك لحد تأريخه، وطلب المجلس إجراء المزيد من التحريات الجيورادارية لتحديد امتداد التكهفات وفيما إذا كانت تهدد سلامة السد، وخلال اجتماع مجلس الخبراء الذي عقد في عمان للفترة من (14-15/5/2007) تم مناقشة الحل الدائم لمشكلة أسس سد الموصل عن طريق إنشاء جدار قاطع بعمق (200م) في مقدم السد لكي يمنع الرشح. وتقوم الوزارة من جانبها بالمتابعة الدقيقة لسلامة السد وتأمين مستلزمات توسيع برنامج التحشية والمستلزمات الأخرى الضرورية كالأسمنت والوقود التي يحتاجها العمل .

5- ومن إجراءات الوزارة الأخرى المتخذة بشأن سد الموصل:
- تم إكمال المسوحات الجذبية الدقيقة والمسوحات الكهربائية والكهرومغناطيسية في منطقة جوانب السد والمسيل الاضطراري وامتداد الجانب الأيسر بالإضافة الى جسم السد الرئيسي والجانب الأيمن.
- تم تنفيذ ست حفر استكشافية مع استخراج اللباب الصخري حول الخسفة مؤخر السد الجانبي. واستكمال المسح الجيوراداري لها .
- تم تنفيذ العديد من الآبار الاستكشافية لغرض الفحوصات الجيورادارية .
- تم الاتصال بجهات أجنبية منها أمريكية وإيطالية وسويسرية ويوغسلافية حول مشاركة خبرائهم في مجلس الخبراء العالمي لغرض إمكانية الاستفادة من التجارب المطبقة في بلدانهم للمواضيع ذات العلاقة بسد الموصل.
- نتائج إحدى الدراسات التي قام بها مركز البحوث والتطوير الهندسي الأمريكي أظهرت تنامي وازدياد الاحتمالية لانهيار سد الموصل فطبقت معظم التوصيات الواردة بالدراسة ومنها إعداد خطة طوارئ متكاملة تحسبا" لأية حالة طارئة قد تحدث بالسد.
- قامت الوزارة باتصالات مكثفة من أجل توفير الأدوات الاحتياطية للحفارات القديمة والإسراع بتوفيرها.
- تم توقيع عدد من العقود لتوفير بعض المستلزمات الضرورية لديمومة أعمال التحشية.
- تمت مفاتحة الشركات المختصة بإنتاج معدات الحفر الخاصة بإنشاء الجدران القاطعة مثل شركة باور الألمانية وشركة تريفي الإيطالية وتم عقد مؤتمر موسع حول سد الموصل للبحث عن حلول لمعالجة مشكلة السد حضره خبراء محليين ودوليين وعدد من الشركات الاستشارية المختصة في مجال إنشاء السدود لغرض حسم الجدل الجاري حول سد الموصل ومناقشة الأفكار والحلول الدائمية لمشكلة أسس السد.

أهم توصيات المؤتمر:
1- التأكيد على أهمية سد الموصل من الناحية التنموية والاقتصادية وضرورة وأهمية بحيرة السد كخزان مائي كبير لغرض الاستفادة واستغلال الموارد المائية حاليا" وفي المستقبل.
2- الالتزام بالتوصيات السابقة فيما يخص الاستمرار في عملية إدامة ومعالجة أسس السد بالتحشية وأعمال المراقبة المستمرة .
3- معالجة مشاكل سد الموصل الفنية لغرض الاستفادة من السد وحسب الهدف الذي انشأ من أجله .
4- إجراء المعالجة الفنية الدائمية من خلال تنفيذ جدار كونكريتي لحل مشاكل الطبقات الجيولوجية تحت أسس السد .
5- الاستمرار بدراسة مشروع سد بادوش كسد تنظيمي إضافي وصد وليس كبديل عن سد الموصل .
6- تقوم لجنة خبراء سد الموصل بتقديم منهاج تنفيذي لما يتعلق باجراء التحريات الإضافية وإعداد التصاميم ومن ثم مرحلة التنفيذ للجدار الكونكريتي.
7- التوصية الفنية الرئيسة هي المحافظة على منسوب الخزن في بحيرة السد والبالغ 319 م فوق مستوى سطح البحر.
8- إجراء المزيد من التحريات الجيورادارية لتحديد التكهفات.

خيارات معالجة سد الموصل:
- إستمرار أعمال الترميمات والصيانة وعمليات التحشية كما كانت في السنوات الماضية.
- بناء جدار كونكريتي قاطع تحت جسم السد للمعالجة الدائمية.
- تفريغ السد وعدم إستعماله (لأن أهمية السد وعملية إهماله كان أقل ضرراً في حالة بناء سد بيخمه / لكن مع الأسف ونتيجة لبعض القرارات أهمل أو منع بناء سد بيخمه).