جدد مطالبته بالإسراع في تأسيس مجلس أعلى للمياه في البلاد
السليمانية ـ الصباح الجديد / عباس كاريزي:

اكد وزير الموارد المائية الاسبق في العراق الدكتور لطيف رشيد، ان ازمة شحة المياه التي تواجه العراق، ناجمة عن عدم وجود اتفاقات او تفاهمات مشتركة مع تركيا وايران، تضمن حقوق العراق في المياه مع عاتين الدولتين.
وزير الموارد المائية الاسبق المستشار الاقدم لرئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد الذي التقته الصباح الجديد، في مكتبه بمحافظة السليمانية، كان كعادته محملا بالهموم الادارية متشعب الاهتمامات متقد الفكر، ومن هنا شخص بكل صراحة اهم المشكلات والعراقيل التي كانت وراء ازمة المياه، والعراقيل التي تواجه تحسين واقعها، والتحديات التي تواجه استثمار الموارد المائيه.
تناول الحوار عدداً من المحاور المهمة منها المياه الدولية السطحية والجوفية المشتركة، والتغيرات المناخية وتأثيراتها على الموارد المائية وإستثمار المياه الجوفية، والاستعمال الامثل للسدود وتردي الواقع الزراعي.
استهل الدكتور لطيف رشيد حديثه للصباح الجديد، بالاشارة الى ثلاثة اسباب رئيسة تؤثر على نسب وكميات المياه في العراق وهي المناخ والمتغيرات الجوية وتصرفات دول الجوار بالكميات التي تدخل البلاد من المياه، اضافة الى الاستعمال البدائي والهدر الكبير الحاصل في ادارة المياه التي تدخل الى البلاد.
وتابع أن معدلات تدفق المياه الى العراق غير مستقرة وهي في تناقص مستمر بسبب سياسة وتصرفات دول الجوار كبناء السدود والمنشآت التخزينية، والمشاريع الإروائية وبناء المحطات الكهربائية، في كل من تركيا وايران وسوريا، إضافة الى احتباس الأمطار وانخفاض هطولها في العراق ودول أخرى عديدة، اسهمت كل تلك العوامل في الشحة الشديدة في المياه وادت الى ارتفاع مستوى الملوحة وقلة الإنتاج الزراعي، فضلاً عن التدهور البيئي، الذي ادى الى انحسار الأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع تأثرها سلباً بالتغييرات المناخية.
رشيد قال في معرض رده على سؤال للصباح الجديد، حول السبل الكفيلة بضمان نسبة العراق من اطلاقات المياه من دول الجوار، «ان ازمة المياه في البلاد لن تحل بالتلويح بالقوة مع دول الجوار، أنما الحل الامثل يكمن في الدخول مع الدول المجاورة لنا في حوارات جادة وسلمية لتحقيق اتفاقات طويلة الأمد لتقاسم المياه على أساس تحقيق المصالح المشتركة.
واكد انه يجب على العراق التفاهم مع ايران وتركيا على وضع خطة تشغيلية لادارة المياه المشتركة والتفاهم على الية لاطلاقها في المواسم التي يحتاجها العراق، وخزنها في الاوقات التي تقل الحاجة اليها في موسمي الشتاء والخريف، وتابع « مع الاسف لحد الان ليس لدينا لا مع ايران او تركيا تفاهمات على اطلاق حصة مناسبة للعراق من المياه»، واردف» عملت هاتان الدولتان في كثير من الاحيان، على تحويل مجرى كثير من الروافد واقامت سدودا ضخمة على مجرى نهري دجلة والفرات، من دون تفاهم او اتفاق مسبق معنا».
واوضح وزير الموارد المائية الاسبق «تمكنا خلال وجودنا في الوزارة من تغيير الشعار الذي رفعته تركيا «النفط مقابل المياه» وتحويله الى استعمال المياه لتحقيق الاستقرار والامن في تلك المناطق.
واردف « لحد الان لايوجد اي تشريع او قانون دولي لضمان حصة الدول المتشاطئة من المياه، سوى بعض الاتفاقات المشتركة بين تلك الدول، وان ما يوجد في الامم المتحدة عبارة عن بعض المبادئ والتوصيات، ولا يوجد قانون واضح يحتم على الدول عدم التجاوز على حصص بعضها من المياه.
وزير الموارد المائية الاسبق دعا في سياق حديثه الى البدء باجراء مباحثات جادة مع دول الجوار لمعالجة ازمة المياه، باشراك الشخصيات العلمية الكفوءة والنزيهة من قيادة الإدارات في هذا القطاع المهم والمرتبط مباشرة بالأمن الغذائي وحاجة الناس اليومية الى خدمات المياه، واردف لاننا بالقوة والحروب لن نتمكن من معالجة ازمة المياه وضمان حصصنا من المياه التي تدخل الى البلاد من دول الجوار.
واكد ان حل المشكلة يكمن بعدم ربط المياه بالمواقف السياسية والعمل على توقيع اتفاقات مع دول الجوار، واردف « وإذا ماكانت الدول المعنية غير قادرة على حل هذه المسألة، فإنّ العراق مستعد لقبول وساطة دولية، يمكن من خلالها الاستعانة بتحكيم طرف ثالث محايد، لبلورة خارطة طريق تحقق الاتفاقات المناسبة لتقاسم المياه.
رشيد وعلى صعيد متصل طالب بتشكيل هيئة عليا أو مجلس أعلى للمياه، تكون تحت قيادة رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الموارد المائية، تشرف على ادارة الانهر والسدود والجداول، تضم في عضويتها الخبراء والمختصين في الموارد المائية والقوانين الدولية من وزارات الخارجية والتخطيط والزراعة والأمن الوطني والكهرباء ومجالس المحافظات والبلديات.
واشاد وزير الموارد المائية الاسبق في سياق حديثه بالجهود التي يبذلها وزير الموارد المائية الحالي في العراق، الدكتور حسن الجنابي لتحقيق التنمية المستدامة والامن المائي في العراق، مشيرا الى ان ضعف الامكانيات وقلة التخصيصات المالية تقف حائلا دون اقامة العديد من المشاريع الاروائية والسدود والمشاريع الستراتيجية، مبيناً ان العراق يمتلك إمكانية للإستثمار في أراضيه الزراعية بما لا يقل عن 15 مليون دونم، الا ان الأراضي المزروعة سواء وقتية أو سنوية أقل من 4 ملايين دونم، «أي إننا نستغل أقل من ربع المساحة الصالحة للزراعة».
كما دعا الى استعمال الطرق والتقنيات الحديثة في الري، تضمن الاستفادة القصوى من المياه ومنع الهدر الكبير، الحاصل نتيجة لاستعمال طرق بدائية في الزراعة، مؤكدا انه بقدر ما يتعلق توفير الكميات المناسبة بضمان حصة مناسبة للعراق من دول الجوار، فانه يتعلق بالاستعمال الامثل للمياه التي تدخل البلاد من دول الجوار.
رشيد عبر عن اسفه من تأثير الصراعات السياسية على مستوى التنسيق والتعاون بين حكومتي الاقليم والمركز، وتحديدا في ملف المياه وتحقيق الاستفادة القصوى منها، مؤكدا ان رفض مسؤولين رفيعي المستوى في الاقليم استكمال بناء سد بيخمة، الذي اكد انه في اثناء توزره للموارد المائية بذل جهودا مضنية لاقناع الاقليم بالموافقة على استكمال بنائه، ولكن من دون جدوى، على الرغم من موافقة رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورغبته في اتمام بنائه، الذي اكد ان أنجازه كان سيعد المشروع الاستراتيجي الاول للمياه في العراق.
الدكتور لطيف رشيد اكد، ان انجاز ذلك المشروع لم يكن ليؤثر سلبا على العمق الاستراتيجي لأقليم كردستان، ولم يكن له ان يقسم كما كان يتصور بعض المسؤولين مناطق الاقليم الى شطرين، وانه كان سيضمن توليد 1500 ميجا واط من الطاقة الكهربائية، فضلاً عن تأمين مياه الري لمليوني دونم من الاراضي الزراعية في الاقليم والمناطق المجاورة له.