" معهد التقدم للسياسات الانمائية "

يناقش كتاب الموارد المائية لـ " عبد اللطيف رشيد "

  في اطار سعيه الحثيث لوضع اطر علمية لجميع المفاصل الحيوية في البلاد . عقد " معهد التقدم للسياسات الانمائية " ندوة لمناقشة كتاب ( الموارد المائية في العراق ) الذي اصدره المؤلف الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد وزير الموارد المائية الاسبق .

وحضر هذه الندوة نخبة من الخبراء والباحثين المهتمين بقضايا الموارد المائية وضيّف "المعهد" الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية والمهندس الاستشاري الاستاذ هشام المدفعي والاستاذ اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الجديد ، للادلاء بشهاداتهم ومناقشة الوضع المائي في العراق .

في مستهل الندوة تحدث النائب الدكتور مهدي الحافظ  وأبدى سعادته بمناقشة كتاب الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد الذي شغل مناصب مهمة ولاسيما وزير الموارد المائية منذ 2004 الى 2010 وهو رجل اكاديمي وحاصل على شهادة عليا في قضايا المياه في انكلترا ولعب دورا كبيرا في التحضير للتغيير السياسي الذي حصل في 2003 .

الحافظ  اكد ان الكتاب عبارة عن تجميع ذكي للافكار والابحاث التي قام بها خلال فترة حساسة من تاريخ العراق وهو يستحق ان يدرس بعناية كبيرة. وأضاف أن المؤلف كان من المعارضين البارزين للنظام السابق وقد اجتمع مع المؤلف في القاهرة خلال ندوة حضرها عدد من المثقفين من العراق ومن سوريا ومن بعض الاقطار العربية .

الحافظ  اشاد بالدور الذي قام به الدكتور لطيف رشيد عند تسلمه وزارة الموارد المائية لانه تولى الوزارة وأسس لافكار جديدة فيما يتعلق بأنهاء تجفيف الاهوار وكذلك رعاية السدود والاهتمام بسد الموصل قبل ان تتفاقم مشاكل السد في الفترة الاخيرة .

وقال الحافظ  ان المؤلف هو من اصدقائي وكان رفيقا لـ ( مام جلال ) رئيس الجمهورية السابق وكان من المشاركين البارزين في كفاح البيشمركة وغيرها . وهذه فرصة كبيرة لنا جميعا ان نتداول جميع القضايا المهمة الموجودة في هذا الكتاب .

ثم تحدث المؤلف الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد  مؤكدا على اهمية الموارد المائية في العراق.  بدون شك شبكة الموارد المائية في العراق نظام معقد ومرتبط مع بعض وهناك عدة مقترحات لمستقبل الموارد المائية بحيث نحتاج الى تخصيص علمي وهندسي لتحسين الموارد المائية في العراق ونحتاج الى ميزانية كافية وهذا يقع على عاتق الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم مع الاسف الشديد معظم المشاريع والمنشآت في السنوات الماضية لم تكتمل ولم يتم القيام بأعمال الصيانة الضرورية لعدم وجود تخصيصات مالية مثل سد دوكان وسد دربندخان .

واضاف رشيد يجب التركيز على نقطة اخرى وهي الطرق الحديثة لتحسين الوضع المائي في العراق مع وجود تدخلات مباشرة من دول الجوار . والنقطة المهمة الاخرى هي مسؤولية الموارد المائية الان في العراق تقريبا غير واضحة لفقدان المسؤولية بين مؤسسات الدولة .

واشار رشيد الى ان الوضع المالي في العراق مسؤولية ثلاث جهات وعدم وجود لجنة او مؤسسة تشرف على عمليات الموارد المائية . ومن الامور المهمة الاخرى هي ادارة الموارد المائية في العراق ضعيفة جدا وضرورة فتح ابواب وخطوط مع دول الجوار لـتأثيرهم على الكمية والنوعية الموجودة في العراق واعتبر المؤلف ان هذه النقاط مهمة وجوهرية قبل الدخول الى تفاصيل الكتاب .

واضاف رشيد ان وزارة الموارد المائية التي كانت تسمى سابقا مديرية الري هي من اقدم الوزارات في تاريخ العراق المعاصر والتي تأسست سنة 1918  وكذلك مكتبة الموارد المائية التي تعتبر اقدم مكتبة في العراق لكن مع الاسف الشديد تعرضت على مر السنين للحرق والنهب.

رشيد أشار الى أن كمية المياه التي تدخل للعراق من ايران عبر نهري الكارون والكرخه حوالي 9 الى 10 بليون متر مكعب بالسنة سابقاً، أما الان يصل الى 1 بليون متر مكعب بالسنة مما ادى الى ظهور ملوحة في شط العرب واماكن اخرى .

اما بالنسية لاقليم كردستان قال رشيد ان عدد الروافد ومجاري المياه بين ايران وتركيا ليس اقل من 40 رافد معظمها تم بناء منشأت مائية على هذه الروافد . وقد حاولنا فتح حوار مع تركيا وايران وسوريا لكن بصراحة بناءً على الظروف السياسية والاقتصادية لحد الان النتائج غير ملموسة مع ايران وتركيا فقط مع سوريا توجد اتفاقية حول كمية المياه التي تأتي من تركيا الى سوريا ومن ثم الى العراق من المفروض ان تدخل الى العراق 58 متر مكعب في الثانية للعراق والى سوريا 42 متر مكعب في الثانية لكن ايضا هناك مشكلة اخرى مع سوريا وهو التلوث الموجود في نهر الفرت لان الجانب السوري يقوم بارجاع المبازل الى داخل نهر الفرات ومن ثم تدخل الى العراق .

واستطرد رشيد قائلا في عام 2005 و 2006 فكرنا ببناء سد بخمة لكن مع الاسف الشديد القرارات السياسية منعت بناء هذا السد وهو يعتبر من اهم المشاريع في العراق من ناحية الكهرباء والسياحة وغيرها وان حالة السدود في العراق لحد الان جيدة لكن حالة القنوات والمبازل سيئة الى اخر درجة حيث يبلغ مجموع القنوات والمبازل في العراق اكثر من مئة الف كيلومتر معظمها يعتمد الطرق البدائية . وكذلك مشكلة كمية الهدر في الماء في العراق اكثر من الاستفادة منها . اما الاهوار باعتقادي فهي افضل مما كانت عليه سابقا .

ولفت رشيد الى اهمية العلاقات مع دول الجوار فهي ضرورية جدا للتفكير بالمستقبل المائي في العراق ومن الضروري الاستمرار للوصول الى اتفاقيات جدية مع دول الجوار .

واضاف رشيد لحد الان لاتوجد خطوط عامة او خاصة لحل المشاكل المائية مع دول الجوار ويجب الوصول الى حل مع كل من تركيا وسوريا وكذلك ايران بشأن الحصص المائية . ويجب ان يكون هناك تنسيق جدي بين مؤسسات الدولة لحل هذه المشكلة متمثلة بوزارة الخارجية ووزارة التخطيط ورئاسة الوزراء مع وزارة الموارد المائية. واطلب من وزارة الخارجية تشكيل قسم خاص بالموارد المائية . والطلب الاخر هو اهتمام الجامعات العراقية بالموارد المائية لان الموارد المائية في العالم هو جزء مهم للواقع ومن الضروري جدا استحداث اقسام على مستوى جيد يهتم بالموارد المائية في الجامعات العراقية .

بعد ذلك ابدى الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية شهادته حول ماتضمنه كتاب الموارد المائية في العراق  والذي بدوره اشاد  بالدكتور عبد اللطيف جمال رشيد في ادارته للموارد المائية واتخاذ القرارات الصعبة في ظرف صعب وحساس وكان الرجل المناسب للوزارة للمرحلة الحرجة بعد التغيير عام 2003 .

الجنابي شدد على ضرورة احياء الموارد المائية في العراق  وخصوبة الارض في ظل تدهور اسعار النفط . واود ان اقول شئ ما يسمى بالحوكمة واشار اليها المؤلف وقال ان وزارة الموزارد المائية و وزارة الخارجية يجب ان يتعاونا في رعاية القضايا المائية الناشبة ، ومن خلال عملي في الوزارة احاول قدر الامكان ان ابذل كل الجهود ليكون القطاع المائي قطاع موحد ولكن ذلك سيواجه صعوبات عديدة .

الجنابي اشار الى تشكيل اللجنة العليا للمياه على غرار لجنة الطاقة وهذه اللجنة برئاسة السيد رئيس الوزراء وعضوية وزير الخارجية و وزير الزراعة ووزيرة البلديات والاشغال العامة و وزير الموارد المائية وانا جدا سعيد بتشكيل هذه اللجنة لانها رفعت مستوى اتخاذ القرار الاستراتيجي  فيما يتعلق بادارة الموارد المائية الى مستوى اعلى في الدولة وهذا يعطي ثقل الى القطاع المالي . واكد على ان وزارة الموارد المائية خرجت من مبدأ المحاصصة والعلاقة مع الجميع متساوية مهما كان حجم الكتلة السياسية ولاتوجد تأثيرات على اتخاذ القرارات بوزارة الموارد المائية .

واضاف الجنابي  الذي حصل في العراق ان الموارد المائية ومن خلال عملي ومراقبتي لما ينشر ويشاع اصبحت قضية رئيسية في تعاطي الصحافة والثقافة .

المهندس الاستشاري هشام المدفعي ابدى شهادته بالتركيز على نقطه في كتاب المؤلف التي تتمثل بأيداع مجموعة من الكتب للمؤلف حوال 65 كتاب باللغة العربية للموارد المائية و حوالي 245 كتاب ايضا حول الموارد المائية باللغة الانكليزية اهداها الى جامعى السليمانية حتى تكون في متناول المواطن وطلاب العلم وهذه خطوة مهمة جدا لرعاية الجامعات  . ومن النقاط المهمة التي اشار اليها المؤلف كل مفصل من مفاصل الحياة يحتاج الى رعاية مهمة فتكوين مجلس اعلى للموارد المائية هذا شئ مهم جدا في العراق وكلنا نعرف ان العراق يعتمد على النفط في الوقت الحاضر واتضح ان لايمكن ان يكون النفط المورد الرئيسي الوحيد للبلد .، ويجب ان تكون الموارد المائية مورد رئيسي للبلد من خلال استغلالها وتطويعها لنهوض البلد بشكل افضل .

المدفعي اشار الى ان موضوع الموارد المائية في العراق موضوع متخصص ويجب ان يكون له مجلس متخصص على كافة المتسويات .

وتسائل المدفعي هل توجد سياسة مستقبلية مرسومة لمسيرة البلد في موضوع الموارد المائية ؟ وتسائل ايضا عن الموازنة المائية في العراق وانا اعلم هنالك دراسات رئيسة على الموزانة المائية ونعني بالموازنة المائية كم تدخل كمية المياه الانهار الى العراق عن طريق تركيا وايران وكم منها تذهب الى الزراعة والصناعة والري والتبخر او الخزن ؟

واشار المدفعي الى الاهوار وهي نقطة مهمة في مياه العراق والسيطرة على المياه لتغذية الاهوار هو امر مهم لانعاش السياحة في هذه المناطق ، ولكن لاتوجد دراسة لتطوير مجتمعات سكان الاهوار وهي ايضا من النقاط المهمة الواجب عللى وزارة الموارد المائية الاعتناء بها .

 واكد المدفعي على اهمية المياه الجوفية في الموارد المائية ويمكن ان تلعب دورا مهما في حياة الانسان .

الاستاذ اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الجديد ابدى شهادته ايضا حول كتاب الموارد المائية في العراق مشيرا الى نموذجين مهمين في المياه النموذج الاول اتذكر دائما دواد باشا الذي له الفضل بأدخال الري الى العراق وبتنظيم القنوات وتقسيم المياه في فترة مبكرة جدا . والنموذج الثاني التجربة الهولندية التي كانت تعاني من الفيضانات مما اضطر الكثير من الشعب الهولندي الى الهجرة خلال موسم الفياضانات ولم تنجو هولندا من كارثة المياه والفياضانات الا ان اكتشف المهندسين الهولندين تجربة البزل التأريخية الشهيرة والتي استطاعت ان تمتص  هذه الكميات الكبيرة من المياه .

زاير اشاد بالدكتور عبد اللطيف جمال رشيد واعتبره مزيج من رجل دولة ورجل التقنيات وكل مافعله هو الامساك بملف من اخطر الملفات في فترة حرجة جدا بعد التغيير بحيث انجز البرنامج المخصص للوزارة بصورة صحيحة .

واكد زاير على ان العمل في المرحلة الراهنة يتطلب تصفية الملفات الاقليمية والعمل على تبني مؤتمر دولي من اجل تنظيم توزيع المياه والعمل عل شراكة مع الجامعات العراقية وتنظيم برنامج من قبل وزارة الموارد المائية بمجموعة من افكار لمشاريع ويقوم الطلبة بدراستها وتقديم اطروحات عن الماجستير والدكتوراه عن هذه المواضيع حتى يصبح ربط بين الجهد العقلي العراقي والجهد الواقعي المتمثل بوزارة الموارد المائية .

الدكتور محمد الحاج حمود الوكيل الاسبق لوزارة الخارجية تحدث عن بعض الملاحظات التي تخص الموارد المائية في  العراق واكد على ان مسؤولية ادارة المياه في العراق هي مسؤولية ضائعة بين جهات عديدة ولنا امل في تشكيل جديد للجنة العليا للموارد المائية ولكن هذه اللجنة هي لجنة ستراتيجية قبل ان تكون تنفيذية . كما ان الوعي المائي عند المواطن والحكومة لازال قاصر .

بعد ذلك جرت مناقشة واسعة وتفصيلية وساهم بها عدد من المشاركين في الندوة .