مكتب المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية

تصريح

شارك د.عبد اللطيف جمال رشيد المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية في "الندوة الدولية الثانية الخاصة بجرائم إبادة الأرمن" يومي 23-24 نيسان 2016. وذلك تلبيةً للدعوة الرسمية التي وجهت الى سيادته من قبل رئاسة الجمهورية الأرمينية.

إفتتح الرئيس الأرميني المؤتمر الذي حضره مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى وشخصيات سياسية وقانونية عالمية بالإضافة الى نجوم السينما العالميين وشخصيات فنية وثقافية مختلفة.

وتضمن برنامج الندوة حضور حفل جائزة الشفق للصحوة البشرية (Aurora Prize for Awakening Humanity)فضلاً عن الفعاليات التالية:

- 9,15 صباحاً وصول وتسجيل المشاركين.

- 10,00 إفتتاح المنتدى بكلمة للرئيس الأرميني.

- 11,30 الإجتماع الأول / الإبادة والتهجير: تحديد الإبادة الجماعية من المنظور القسري والترحيل.

- 14,30 الإجتماع الثاني / منع الإبادة الجماعية وحماية اللاجئين: التحديثات المعاصرة.

- 16,00 الجلسة الختامية /

- كلمة رئيس الجمعية الوطنية في أرمينيا.

– كلمات الوفود المشاركة.

– كلمة وزير الخارجية الأرمينية.

........................................

كلمة الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد التي ألقيت في المؤتمر:

سيادة رئيس جمهورية أرمينيا المحترم

السادة الرؤساء وأصحاب الجلالة والمعالي والسمو المحترمون

السيدات والسادة الحضور الكرام

السلام عليكم ..

بدءاً يسرنا ان ننقل لكم تحيات فخامة رئيس الجهورية العراقية والشعب العراقي.

لقد كان من دواعي الشرف أن نلبّي الدعوةَ الكريمة للحضور والاسهامُ في هذه الفعاليةِ المهمة التي تستعيدُ ذكرى ضحايا جريمةِ الإبادة التي تعرض لها الشعب الأرمني، وهي واحدةٌ من أسوأ جرائمِ التاريخ، إنها من المناسباتِ المؤلمة التي تنتكسُ فيها الإنسانيةُ تحت وطأةِ العار.

استعادةُ هذه الذكرى هي فرصةٌ للإنسانيةِ للتخفيف من بشاعة الجريمة وذلك بإنصافِ الضحايا وإدانةِ مرتكبيها من جانبِ وباستيحاء العبرة من جانبٍ ثانٍ بحيث لا نسمح بتكرارِ هذه الفظائع.

ومما يزيدُ الأسفَ أن جريمةَ إبادة الأرمن لم تكن الأخيرةَ. حصلت جرائمُ تالية لأن إبادةَ الأرمن وما سبقتها و ما لحقتها من إباداتٍ لم تحظَ بالاهتمامِ الذي تستحقُه، لقد مرّت هذه الجرائم، ولم تستلهم الإنسانيةُ منها الموعظةَ والخبرةَ. لذلك وخلال المئةِ عام الماضية حصلت جرائمُ في أكثر من مكانٍ على الأرض، في أوربا وإفريقيا وآسيا والقاراتِ الأخرى..

تكررت البشاعاتُ كثيراً وأُهينت الإنسانيةُ مراراً على أيدي مجرمين قتلة، ذلك لأن المجتمعَ الإنساني لم يتخذ الموقفَ الحاسمَ والحازم ضد جرائمِ القتل والإبادةِ والتدمير برغم كلِّ التشريعاتِ واللوائحِ التي وضعتها المنظماتُ الأممية والدول.

الجرائمُ ما زالت مستمرةً.. على عتباتِ الألفيةَ الثالثة ما زال المجتمعُ الإنساني يواجه الجريمة، وما زالت الجريمةُ تتكرر بفظاعاتٍ أبشع، وما زال الضحايا يرزحون رهنَ إرادةِ الإجرام.

خلال العقودِ الأربعةِ الأخيرة في الأقل عانت بلادُنا من جرائمَ منظمة قامت بها دكتاتوريةُ صدام حسين ضد ملايين العراقيين في كردستانِ العراق وفي جنوبِ ووسطِ البلاد، إنها جرائمُ إبادةٍ جماعية استُخدِمت فيها الأسلحةُ الكيمياوية والمقابرُ الجماعية ناهيك عن جرائمِ التهجيرِ والتشريدِ والتغيير الديموغرافي.

لكن السنواتِ الأخيرةَ وحتى هذه اللحظة شهد بلدُنا جرائمَ بشعةً قامت بها عصاباتُ القاعدة وداعش والمجرمين التكفيريين وعصاباتُ القتل الأخرى.

أكثر من جريمةِ إبادةٍ جماعية، أكثرُ من حملةِ قتلٍ وتشريدٍ على أساسٍ طائفي وديني تعرض لها عراقيون من مختلفِ الأديانِ والطوائفِ على أيدي الارهاب. وأشير هنا إلى المعاناةِ الخاصة لأبناءِ الديانات الإيزيدية والمسيحية والصابئية.

إن بلدَنا يخوض حرباً ضارية منذ أكثر من عقدٍ ضد المجرمين الارهابيين. وفي هذه الحربِ ننتظرُ دائماً دعماً دولياً لمساعدتِنا في تخليصِ العالم من شرورِ الارهاب. وكان من المؤلمِ ومما يثير الغضبَ أن هؤلاء المجرمين وبدلاً من أن يُحاصَروا ويُطارَدوا فإنهم يجدون طريقاً سالكة وتسهيلاتٍ لتمريرِهم إلى مدنِنا وتيسيرِ إيصال الامداداتِ إليهم من أكثر من جهة مجاورة.

نعتقد أن المجتمعَ الإنساني مهددٌ بمخاطر الارهاب، وأن فرصَ المجرمين لتكرارِ جرائم الإبادةِ ما زالت قائمةً في كثيرٍ من أنحاءِ كوكبنا.

محاسبةُ مرتكبي الجرائم السابقة وتحقيقُ العدالة خطواتٌ لابد منها للردعِ ولإنصافِ الضحايا.. ومعها لا بدَّ من عملٍ متضامن ٍوحثيثٍ على أكثر من مستوى لمحاصرةِ الارهابِ والجريمة والقضاءِ عليهما نهائياً.

ما لم نعي مسؤولياتِنا جميعاً فإن الكرامةَ والحياةَ البشرية تظل مهددة.

الوفاءُ الأعظم لهؤلاءِ الضحايا هو في الإخلاصِ لحفظِ السلامِ وحرية الإنسان وكرامتِه وحقِّه في العيشِ والاختلافِ والتنوع، وهو في منعِ المجرمين عن انتهاك قيمِ الانسانية.

سلاماً لأرواح الضحايا الأرمن ولجميعِ ضحايا الطغيانِ والدكتاتورياتِ والارهاب.

والسلامُ عليكم.

 

 

  

الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

المستشار الأقدم لرئيس الجمهورية

ييريفان / 23 نيسان 2016