"قمة المياه العالمية 2012" في روما ركزت في بعض جوانبها على الشرق الأوسط وحاجاته المائية الملحة. الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد شارك في المؤتمر بمحاضرة لافتة حول تطوير الموارد المائية في العراق وأولويات التنمية".

"الاسبوعية" حاورته حول مضمون المحاضرة وقرارات روما*.

  • ما أهمية قرارات قمة روما الخاصة بالمياه؟
  • العالم يتطور في مختلف المجالات وهذا التطور يستهلك موارد عدة, والمياه من بين هذه الموارد وأكثرها أهمية, لذلك بدأت معظم الدول بالعمل الجاد على تنويع مصادر المياه واستغلالها بأقصى قدرٍ ممكن وبمختلف الطرق وهو ما أكدّته دول العالم من خلال تأكيدها في العام 2012 على حق الإنسان في الحصول على المياه الصالحة للشرب والإستخدامات الأخرى للمياه كالصرف الصحي, خصوصاً وإن الدراسات التي تمت مناقشتها في أروقة الأمم المتحدة تشير الى أن (884) مليون شخص يفتقر الى المياه الصالحة للشرب وإن عدّة ملايين من البشر لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي الأساسية و(1.5) مليون طفل في عمر أقل من 5 سنوات يموتون بسبب الأمراض التي تسببها نوعية المياه الرديئة وسوء الصرف الصحي على حد سواء.القرار الذي صدر عن القمة الأخيرة أكد أن "الحق في الوصول الآمن لمياه الشرب النظيفة والصرف الصحي الجيد هو واحد من حقوق الإنسان, بل ضرورة أن يتمتع الإنسان بكامل حقوقه".
  • ما أهمية هذه القمة بالنسبة الى العراق؟

- وفرة الموارد المائية تعتبر عاملاً رئيساً للإستقرار والتوازن في العالم وخاصة في المناطق القاحلة, وفي الشرق الأوسط ومنها العراق الذي تعتبر ثرواته المائية جزءاً مهماً من ثروات المنطقة. فمن المعروف أن العراق يتشارك في أنهاره وموارد المائية مع الدول المجاورة، فنهر الفرات يأخذ حوالي 82٪ من إحتياجاته المائية من تركيا و 9٪ من سوريا وحوالي 9٪ من داخل العراق. أمّا نهر دجلة فيأخذ 46٪ من إحتياجاته من تركيا و 20٪ من إيران وحوالي 34٪ من داخل العراق. هناك إذاً حاجة الى التفاوض على إتفاقات لتقاسم المياه مع الدول المتشاطئة الأخرى من أجل وضع قوانين تضمن الحصص المائية لتلك الدول وفق ما تقرّره الأعراف والقوانين الدولية, وكذلك الإتفاق مع دول الجوار حول الخطة التشغيلية إضافة الى المعلومات الفنية الأخرى الخاصة بالإطلاق والتخزين في البحيرات المرتبطة مع السدود في تلك الدول, مع العلم بأن كمية المياه في العراق (نهرا دجلة والفرات مع شط العرب) أقل بكثير من المعدلات السابقة والتاريخية نتيجة لتصرفات وسياسات دول الجوار إضافة الى التغيرات المناخية.

  • كيف نقرأ إذاً إنجازات العراق على صعيد حضارات الري في وادي الرافدين؟
  • العراق مهد أولى الحضارات في العالم التي نشأت على ضفتي نهريه دجلة والفرات قبل آلاف السنين, وقد رافق تلك الحضارات إنشاء أولى المنشآت الهيدروليكية والسدود وقنوات الري وسن القوانين التي تنظم إستخدام مياه الأنهر, فقد ورد في قانون حمورابي / المادة 55 "إذا فتح أي شخص الممرات المائيه على حقله بصورة غير نظامية وأدّى ذلك الى الإضرار بحقل جاره، وجب عليه دفع الذرة تعويضاً لجاره عن خسارته".

وفي إستعراضٍ سريع نجد أنّ:

العراق مهد أولى الحضارات في العالم والتي نشأت على ضفتي نهريه دجلة والفرات قبل آلاف السنين, ورافق تلك الحضارات إنشاء أولى المنشآت الهيدروليكية والسدود وقنوات الري وسن القوانين التي تنظم إستخدام مياه الأنهر, فقد ورد في قانون حمورابي / المادة 55 "إذا فتح أي شخص الممرات المائيه على حقله بصورة غير نظامية وأدّى ذلك الى الإضرار بحقل جاره، وجب عليه دفع الذرة تعويضاً لجاره عن خسارته".

وفي إستعراضٍ سريع نوجز بعض المنجزات التي أسهمت فيها حضارة الري القديمة لوادي الرافدين:

- أول دليل على وجود أنظمة للري وجد في حضارة أريدو (جنوب الناصرية) في الألف الخامس قبل الميلاد وفي مملكتي سومر وأكد مابين 4000 الى 3000 قبل الميلاد وسد نمرود على نهر دجلة إضافة الى سدود أخرى في مملكة بابل أيام الملك حامورابي من 1900 الى 1600 قبل الميلاد وسدود وقنوات الملك سنحاريب في نينوى.

- العصر الآشوري من 1700 الى 1600 قبل الميلاد وسدود وخزانات الملك نبوخذ نصر - العصر الذهبي 700 الى 600 قبل الميلاد, وحضارتا فارس واليونان وحضارة الفرثيين من 600 قبل الميلاد الى 637 م, والطوفان العظيم مابين 627 – 628 م .الذي أنتج نظام الأهوار وهو من المسطحات المائية الكبيرة في العالم وتقدّر مساحته بحوالي 20 الى 25 ألف كيلومتر مربع، دليل آخر على هذه الحضارات الرائدة.

ما حجم الاهتمام الذي ناله برنامج إعادة إنعاش الأهوار؟

    • إنّ تجفيف الأهوار كارثةٌ بيئية لم تمس سكان تلك المناطق فحسب, بل إمتدت إلى مناطق عراقية أخرى والى الخليج العربي حيث تأثرت بيئته البحرية والحيوانية والنباتية جرّاء هذا العمل التدميري, فكان لابد من إيلاء إعادة إنعاش الأهوار الأهمية القصوى. وقد قمنا بعد تحرير العراق بالعمل الجاد والدؤوب على هذا الهدف, ورصدنا لهذه المهمه الميزانيات الضخمة إدراكاً منا بأهمية دورالأهوار في تحقيق التوازن البيئي في المنطقة البحرية, لما لها من أثر كبير في نوعية الماء وعذوبته عند التقاء نهري دجلة والفرات قرب شط العرب. كما أن الحكومة العراقية قامت بمهام الإدارة المتكاملة للموارد المائية خدمةً للمواطنين العراقيين, وهي تسعى جاهدةً الى تحقيق التوازن في توزيع الحصص المائية بين المطالبين بها لأغراض الري وكذلك تقوم بتوفير المياه للخدمات البلدية إضافة الى إمدادات المياه الصناعية, كما تقوم بإمداد البلاد بالطاقة الكهرومائية, وتلبي في الوقت ذاته جميع المتطلبات البيئية التي تتضمن إعادة إنعاش الأهوار, وتقوم كذلك بإدارة المياه الجوفية وتزويد كافة المستفيدين منها من سكنة المناطق الريفية.
    • ما هي حصة الزراعة في هذا الجانب؟
  • بلغة الأرقام فإنّ الجزء الأكبر من المياه يذهب لخدمة مايقارب 33 مليون مواطن عراقي, ويقع على عاتق الإدارة المتكاملة للموارد المائية تشغيل 25 سد كبير وناظم و275 محطة ضخ للري التي تساهم في إنتاج الطاقة الكهرومائية (مجموع الطاقة التصميمية هو 2465 ميغاواط), ومن الممكن أن تزوّد شبكة الكهربــاء الوطنية بحوالي 20% من الطاقة الكهربائية للعراق وعلى عاتقها صيانة مشاريع الري وقنوات التصريف الصحي وتزويد 3,25 مليون هكتار من الأراضي الزراعية بالمياه التي يأتي مايقارب من ثلاثة أرباعها من تركيا, وتوجد أكثر من 100 منشأة للسيطرة على الميـــاه ويبلغ مجموع أطـــــوال شبكتي (الري والصرف الصحي) 126887 كم. وفيما يخص الزراعة فإن مانسبته 87-90٪ من المياه تستخدم فيها إذ تقدر الأراضي الصالحة للزراعة بحوالي 11.11 ميلون هكتار والأراضي المناسبة للري تقنياً واقتصادياً حوالي 5.72 ميلون هكتار, مع ملاحظة أن 70% من تدفق المياه يحدث خلال موسم الفيضان ويستمر لمدة 4 أشهر لينتهي في الشهر الخامس. كما أن الزراعة توفر 9 % من الناتج المحلي الإجمالي (16 % في العام 1968) وتقدر بحوالي 1.6 مليار دولار في عام 2002 وتوفر فرص عمل لـ 20 % من السكان, كما تدعم جميع سكنة المناطق الريفية وتقدر نسبتهم بحوالي 27 % من التعداد الكلي للسكان.
  • ما هي الإتجاهات المستقبلية لمشاريع الري في العراق؟
  • يفترض التركيز في هذا المجال على إعادة التأهيل والبناء والتشغيل والصيانة لمحطات الضخ في جميع أنحاء البلاد التي تشمل إعادة تأهيل أو إستبدال المضخات فضلاً عن أعمال التشغيل والصيانة. كما يجب الإهتمام الواسع بمشاريع إستصلاح الأراضي من خلال إنشاء مشاريع جديدة وإستكمال المراحل المتبقية من المشاريع القائمة, إضافة الى إعادة تأهيل شبكات الري والصرف الصحي والمبادرة الى البناء في مجالات شبكات تصريف المياه والقيام بأعمال تبطين القنوات وكري قنوات الري وتوصيل شبكة الصرف الصحي بشبكة تصريف المياه الرئيسة / المصب العام (MOD). ونؤكد أيضاً ضرورة إستخدام تقنيات الري الحديثة لتحسين كفاءة إستخدام المياه (الري بالتنقيط ونظم الري النضحي). الى جانب الإهتمام ببناء وإعادة تأهيل وتشغيل وصيانة السدود والسدود الصغيرة والخزانات والنواظم إضافة الى بناء سدود جديدة (في كردستان، شمال وغرب العراق) وكذلك تأهيل وتشغيل وصيانة الخزانات ومنشآت السيطرة الهيدروليكية إضافة الى حفر وتنظيف القنوات الرئيسية والأنهــــــار وشبكــــــات الصرف الصحي.
  • • في عودة الى الأهوار ما هي الخطط الموضوعة لتوفير البنى التحتية فيها؟
  • إن إنعاش وتطوير منطقة الأهوار عمل إنساني وواجب وطني تقع مسؤوليته على الجميع دون إستثناء, وعلى الحكومة إقامة البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية ودعم الصناعات التقليدية والإقتصاد المحلي في تلك المناطق النائية, وتوفير الرصد البيئي والمحافظة على كمية ونوعية المياه من أجل إثراء التنوع البيولوجي في تلك المحمية الطبيعية.
  • ما حجم الإنفاق المالي الذي يتطلبه تطوير قطاع المياه والري في العراق؟
  • إن المستلزمات الإستثمارية في قطاع الموارد المائية هائلة, وتشير التقديرات الأولية في الوقت الحاضر إلى أن الموارد المالية اللازمة للإرتقاء بواقع الحياة المائية في العراق هي على النحو التالي:
  • 13.5 مليار دولار لمشاريع إستصلاح الأراضي
  • 3.44 مليار دولار لتطوير الموارد المائية ووإعادة إنعاش الأهوار في الجنوب
  • 12 مليار دولار للسدود والخزانات

*حوار أجرته مجلة (الأسبوعية) / العدد 240 / 14- 20 تشرين أول 2012

Print Friendly

السيرة الذاتية

small02
ولد في 10 آب 1944 في السليمانية ، العراق
اقرأ المزيد

بروشور

بروشور-1024x724